بوريس جونسون.. ما لا تعرفه عن رئيس وزراء بريطانيا
أثار بوريس جونسون الجدل دائمًا؛ خلال مسيرته السياسية ومن قبلها أثناء عمله بالصحافة، بل وحتى منذ سنوات الطفولة والمراهقة الأولى. فمن هو بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا المثير للجدل؟
محتوى المقال
من هو بوريس جونسون
هو ألكسندر بوريس دي بيفل جونسون من مواليد 19 يونيو/ حزيران 1964 مدينة نيويورك في الولايات المتحدة. صحفي بريطاني أمريكي المولد وسياسي من حزب المحافظين أصبح رئيس وزراء المملكة المتحدة منذ عام 2019.
حتى سن الثامنة، كان بوريس جونسون يعاني من صمم شديد فى أذنيه وكان طفلًا ضعيفًا، وعندما بلغ 14 من عمره كان قد انتقل مع عائلته 32 مرة من منزلهم بسبب طبيعة عمل والده.
ويقول أصدقاء عائلته إنه تعرض لمضايقات كثيرة عند التحاقه بالمدرسة الإعدادية بسبب أصوله التركية. ولهذا سعى جاهدًا فى هذه الفترة لتقمص شخصية إنجليزية غريبة الأطوار، تبدو مضطربة لكنها تخفي عقلًا دقيقًا وحازمًا.
وشغل بوريس جونسون منصب عمدة لندن في الفترة من 2008 إلى 2016 وعُيِّن وزيرًا للدولة للشؤون الخارجية من 2016 إلى 2018 في عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
عاش جونسون في مدينة نيويورك ولندن وبروكسيل قبل الالتحاق بمدرسة داخلية في إنجلترا. ثم حصل على منحة دراسية في كلية إيتون، ودرس الكلاسيكيات في كلية باليول بأكسفورد.
من مدرسة داخلية إلى رئيس وزراء بريطانيا
بعد العمل لفترة وجيزة مستشارًا إداريًا، انطلق جونسون في مهنة الصحافة. بدأ العمل مراسلًا لصحيفة the times عام 1987، لكنه طرد بسبب اختلاق قصة صحفية. بعدها عمل مراسلًا للشؤون الأوروبية في بروكسيل لصحيفة الديلي تليغراف من عام 1989 إلى 1994.
فى هذه الفترة صنع بوريس جونسون اسمه من خلال تقديم سرد مقنع تقريبًا بأن كل شيء ينبع من الاتحاد الأوروبي إما مجنونًا أو شريرًا، وأدت قصصه المشوهة إلى الإضرار بمصداقيته بين أقرانه فى أوروبا، لكنه أصبح اسمًا مألوفًا فى بريطانيا.
بعد عودته إلى لندن عمل محررًا مساعدًا فى التلجراف من عام 1994 إلى عام 1999 وكاتب العمود السياسي، على الرغم من أنه اعترف لزميل له بأنه لا يمتلك “أي آراء سياسية”. واستمر في العمل الصحفي إلى أن أصبح رئيس تحرير مجلة The Spectator حتى عام 2005.
مكالمة كارثية
في عام 1990، ظهر شريط مخيف لمحادثة مع صديقه داريوس جوبي وافق فيه على مساعدة صديقه فى خطته لضرب صحفي، لكن تجاهل الجميع هذا الفيديو. وعندما دعي جونسون إلى أحد البرامج عام 1998 وظهر الشريط مرة أخرى، اختار جونسون أن يُضحك المشاهدين من خلال تحريك عينيه وتقليب شعره بحركات مضحكة، لينال شهرة أكبر ومتابعين جدد.
ورغم إقالته بسبب عدم الأمانة، كان شعاره أنه من المقبول، بل ومن المرغوب فيه، الكذب في بعض المواقف. اتهم جونسون بالكذب فى مراحل حياته المختلفة. الأولى عندما أقيل من عمله فى صحيفة التايمز لاختلاقه اقتباسًا. وفصل من منصبه كمتحدث باسم حزب المحافظين المعارض لفشله فى إخبار زعيم الحزب بحقيقة علاقة خارج نطاق الزواج. ومؤخرًا، أثار رفض جونسون تحديد من دفع مقابل تجديد فخم لشقته فى داونينج ستريت تساؤلات مجددًا حول استعداده لمواجهة الحقيقة.
بوريس جونسون وحزب المحافظين
في عام 1997، ترشح عن حزب المحافظين لدائرة Clwyd South في مجلس العموم لكنه خسر بعد اكتساح مارتن جونز مرشح حزب العمال الذي لا يزال يمثلها حاليًا.
وبداية من عام 1998 بدأ جونسون في الظهور في مجموعة متنوعة من البرامج التلفزيونية. جعله سلوكه المتعثر وتصريحاته غير الموقرة في بعض الأحيان ضيفًا مفضلًا في البرامج الحوارية البريطانية لجذب المشاهدين.
ثم ترشح جونسون مرة أخرى للبرلمان عام 2001، وفاز هذه المرة وأصبح أحد أكثر السياسيين شهرة في المملكة المتحدة، لكن تعرض صعوده السياسي للتهديد في أكثر من مناسبة. أجبر على الاعتذار لمدينة ليفربول بعد نشر افتتاحية غير مناسبة في مجلة The Spectator.
وفصل من منصبه كوزير الفنون في الظل بعد اكتشاف علاقة غرامية بينه وبين صحفية. وعلى الرغم من هذه التوبيخات العلنية، أعيد انتخاب جونسون لمقعده البرلماني في عام 2005.
وأثناء صعوده السياسي، لم يفقد جونسون شغفه بالكتابة وألف عددًا من الكتب من بينها كتاب عن وينستون تشيرشل رئيس الوزراء السابق، ورواية سياسية، وباعت كتبه ما يفوق نصف مليون نسخة.
ترشح جونسون لانتخابات عمدة لندن في عام 2007 وأعيد انتخابه مرة أخرى في عام 2012. وعاد جونسون إلى البرلمان في عام 2015 في انتخابات شهدت حصول حزب المحافظين على أول أغلبية له منذ التسعينيات. وفي عام 2016 قرر عدم الترشح لمنصب عمدة لندن وأصبح المتحدث الرسمي لحملة المغادرة. مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي في الفترة التي سبقت الاستفتاء الوطني في 23 يونيو/ حزيران 2016.
دور بوريس جونسون في مغادرة الاتحاد الأوروبي
وبهذه الصفة واجه بوريس جونسون ديفيد كاميرون، أبرز مؤيدي بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وتعرض لانتقادات عدة بسبب تشبيه جهود الاتحاد الأوروبي لتوحيد أوروبا بتلك التي قام بها نابليون وأدولف هتلر.
اختار 52% من البريطانيين مغادرة الاتحاد الأوروبي. وعندما أصبحت تيريزا ماي زعيمة لحزب المحافظين ورئيسة الوزراء خلفًا لديفيد كاميرون الذي قدم استقالته عقب نتيجة الاستفتاء، عينت ماي جونسون وزيرًا للخارجية فى 13 يوليو/تموز 2016 .
ثم استقال جونسون من منصب وزير الخارجية في يوليو/ تموز 2018، بسبب خلافه مع نهج تيريزا ماي حول مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. وفي العام نفسه، أعلن جونسون ومارينا ويلر انفصالهما.
وفي 2018 أيضًا، دافع جونسون عن قرار تيريزا ماي بالانضمام إلى الولايات المتحدة وفرنسا في الضربات الجوية التي شنت ضد نظام بشار الأسد ردًا على أدلة أنه استخدم أسلحة كيماوية مرة أخرى ضد شعبه. انتقدت أحزاب المعارضة استخدام حكومة ماي للقوة دون السعي للحصول على موافقة البرلمان أولًا.
وتم انتخابه زعيمًا لحزب المحافظين فى المملكة المتحدة في يوليو/ تموز من عام 2019، ليتولى منصب رئيس الوزراء خلفًا لتيريزا ماي ويقود بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير/ كانون الثاني 2020.
إصابته بفيروس كورونا
في27 مارس/ أذار من عام 2020، أعلن داونينغ ستريت إصابة بوريس جونسون بفيروس كورونا. ونقل بعدها فى 5 أبريل/ نيسان إلى مستشفى سانت توماس فى لندن لإجراء الفحوصات كخطوة احترازية بسبب استمرار الأعراض، بحسب ما ذكره بيان مكتب رئيس الوزراء في ذلك الوقت.
ثم نقل جونسون في اليوم التالي إلى العناية المركزة بعد تفاقم حالته ليبقى في المستشفى 8 أيام قبل أن يغادرها في 12 أبريل. وفي 29 من الشهر نفسه، يعلن وصديقته سيموندز عن ولادة طفلهما، بعد 20 يومًا فقط من خروج جونسون من العناية المركزة.
وقال رئيس الوزراء في لقاء صحفي بعد مغادرته المستشفى إنه حصل على “ليترات وليترات من الأكسجين” لإبقائه على قيد الحياة. ووصف حالته بأنه تم توصيله بشاشات المراقبة وكانت “المؤشرات تتجه نحو نتائج سلبية”، حتى أن الحكومة البريطانية أعدت خطة للإعلان عن وفاته.
حكومة جونسون وأزمة فيروس كورونا
لم يتوقف بوريس جونسون عن إثارة الجدل فى 2021. ففي سلسلة من التغريدات، أشار كامينغز المستشار السابق لرئيس الوزراء إلى أن تعامل الحكومة مع وباء كوفيد كان سيؤدي إلى كارثة.
وذكر كامينغز أن الخطة الرسمية فى جميع الوثائق وخرائط البيانات والاجتماعات في بداية الوباء كانت تهدف إلى تحقيق ما يسمى “مناعة القطيع” بحلول سبتمبر/ أيلول 2020.
وأضاف أن الخطة لم تتغير إلا بعد أن أخبر المستشارون الصحيون مجلس الوزراء بأن الخطة ستؤدي إلى كارثة. كما قال أيضًا إن القرارات الفظيعة التي اتخذت وخسائر الأرواح والمال التي ذهبت دون داع، “كان يمكن تجنبها إذا كان الأشخاص الأكفاء هم المسؤولون، وربما تجنبنا الإغلاق”.
تسريبات تؤكد: بوريس جونسون صرح “دع الجثث تتكدس”.. ورئيس الوزراء ينفي
كان كامينغز أقرب المساعدين السياسيين لجونسون. وكان حاضرًا فى القاعة عندما كانت القرارات تتخذ فى وقت مبكر من الوباء. لكن منذ انفصاله عن رئيسه فى نوفمبر/ تشرين الماضي، أصبح من أشد منتقدي أفعال جونسون.
وفي مدونة طويلة، قال دومينيك كامنغز إن رئيسه السابق كان أقل بكثير من معايير الكفاءة والنزاهة التي تستحقها البلاد. وكشف الغطاء عن خطة جونسون التي وصفتها الصحف البريطانية بغير الأخلاقية والحمقاء، وربما غير القانونية، لجعل المتبرعين يدفعون سرًا لتجديد شقته.
نفى جونسون ارتكاب مخالفات وقال إنه دفع مقابل العمل لكنه رفض الإفصاح عن من دفع الثمن فى البداية. وفي مايو/ أيار 2021، فتحت لجنة الانتخابات تحقيقًا بعد أن قالت إنها تعتقد أن هناك بالفعل أسباب معقولة للاشتباه فى وقوع تجاوزات أو مخالفات.
في ذلك الوقت، توقع الخبراء أن يكون لتحقيق لجنة الانتخابات عواقب وخيمة على رئيس الوزراء والعديد من مستشاريه البارزين. وتوقعوا صدور أمر بطلب أدلة من أي شخص: بوريس جونسون نفسه أو خطيبته أو سكرتيرة مجلس الوزراء سايمون كيس أو رئيسة حزب المحافظين أماندا ميلينج.
وطلبت اللجنة الاطلاع على رسائل الواتساب أو البريد الإلكتروني الخاصة وأن تصل الغرامات إلى 20.000 جنيه إسترليني وإحالة النتائج إلى الشرطة. استمر التحقيق لأشهر وبالتالي ظلت القصة -وبوريس جونسون بالتأكيد- متصدرة للعناوين الرئيسية في الصحف. إلى أن اعترف جونسون بنفسه بتلقيه أموالًا مشبوهة لتجديد شقته.
بوريس جونسون يرد تكاليف تجديد شقته
في يوليو/ تموز 2021، أكدت الحكومة البريطانية أنه تم دفع تكاليف تجديد شقة بوريس جونسون في داونينج ستريت نقدًا من طرف أحد المانحين من حزب المحافظين. وتم تأكيد عملية التمويل الغريبة أخيرًا في الحاشية الرابعة على الصفحة 208 من التقرير السنوي لمكتب مجلس الوزراء، والذي نشرته الحكومة بهدوء يوم الخميس الماضي.
وعلى إثر الفضيحة، قام بوريس جونسون بردّ تكلفة التجديد الضخمة للشقة في مبنى ‘داونينج ستريت’، ولكن فقط بعد صدور تقارير صحفية تساءلت عن المصدر الأصلي للأموال. وشملت “الفواتير الإضافية” تجديدًا فاخرًا بقيمة 58000 جنيه إسترليني، لكن رئيس الوزراء ألغى الصفقة في نهاية المطاف.
الشرطة تستدعي رئيس الوزراء للتحقيق
هل انتهت التحقيقات عند هذا الحد؟ لا. ففي فبراير/ شباط 2022، تلقى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون استبيانًا من شرطة العاصمة في لندن كجزء من التحقيق في الحفلات المقامة بداونينج ستريت خلال فترة الإغلاق. وإذا تبين أنه انتهك قواعد كورونا الخاصة بحكومته، فقد يتم تغريم رئيس الوزراء المحاصر وسيواجه مزيدًا من الضغط للتنحي من منصبه، خاصة من قبل زملائه المشرعين الذين أعربوا عن غضبهم لتورطه في القضية.
وقالت سو جراي كبيرة موظفي الخدمة المدنية في تقرير مقتضب عقب التحقيق في فضيحة حفلات الإغلاق إن التجمعات التي حدثت في وقت إغلاق فيروس كورونا في داونينج ستريت تمثل “إخفاقًا خطيرًا في القيادة” و”من الصعب تبريرها”.
غرامة مالية على رئيس الوزراء ومستشاره وزوجته
وفي أبريل/ نيسان 2022، أفاد مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأنه سيتم إصدار غرامة مالية ضده وضد المستشار ريتشي سوناك لخرقهم لوائح كورونا وسوء استخدام المكاتب الحكومية خلال حفلات داونينج ستريت. ولم يعلن مجلس الوزراء حينها مقدار الغرامات التي فُرضت على جونسون وسوناك. وقالت زوجة جونسون إنها أُبلغت بدورها أنها ستتلقى غرامة.
وقالت شرطة العاصمة في لندن في وقت سابق إنها أصدرت 30 غرامة أخرى فيما يتعلق بفضيحة “حفلات داونينج ستريت”، التي أثارت غضب الكثيرين في بريطانيا وشهدت فتح تحقيقات حول العشرات من السياسيين والمسؤولين بشأن مزاعم بأن الحكومة قد انتهكت قيود الوباء التي فرضتها بنفسها.
استقالة بوريس جونسون
من جهتهم، قال المعارضون وبعض أعضاء حزب المحافظين الحاكم منذ شهور إنه يجب على جونسون الاستقالة إذا صدرت غرامة عليه لخرقه القواعد التي فرضها على بقية البلاد خلال الوباء.
وفي السابع من يوليو/ تموز 2022، أعلن بوريس جونسون أنه سوف يستقيل من منصبه كرئيس الوزراء اليوم بعد أكثر من 50 استقالة من الوزراء ومساعديهم خلال الـ 48 ساعة الماضية. تشبث رئيس الوزراء في لحظاته الأخيرة لكنه اضطر للمغادرة في النهاية.
استقال جونسون ليضع نهاية عهده كرئيس لوزراء بريطانيا التي استمرت ثلاث سنوات. انسحب أخيرًا لكنه أعلن أنه سيستمر في منصب رئيس الوزراء حتى خريف 2022. وعلى الرغم من أن قيادة بوريس جونسون اهتزت بالأساس بسبب جائحة عالمية لا دخل له فيها، فقد شوهت سمعته ادعاءات بارتكاب مخالفات في كل من منصبه وحياته الخاصة.
ولكن هيهات أن يختفي بوريس جونسون عن الصفحات الأولى للصحف ووسائل الإعلام، فما هي إلا أيام عقب تسريب أخبار استقالته، حتى انتشرت صوره من جديد. في 30 يوليو/ تموز، استضاف رئيس الوزراء المنتهية ولايته وزوجته العائلة والأصدقاء في منزل ديلسفورد الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر للاحتفال بزفافهما للمرة الثانية لكن في دائرة أوسع، بعد أن أجبرهما الوباء على تقليص الحفل الذي أقيم العام الماضي.