المملكة المتحدةبريطانيا بالعربيفيروس كورونامقالات

فيروس كورونا .. لماذا تُفضل بريطانيا العزل الوقائي وترفض نظام الفحص بالمطار؟ 

لا يزال إصرار بريطانيا على عدم إجراء فحص الكشف عن فيروس كورونا المستجد بالمطار وإخضاع المسافرين القادمين من دول أخرى إلى فترة عزل وقائي تصل إلى 14 يومًا، يثير العديد من التساؤلات سواء أكان ذلك من البرلمان أو شركات الطيران أو حتى المسافرين أنفسهم .

فعلى الرغم من أن الفحص داخل المطار أصبح شيئًا تقوم به العديد من الدول حول العالم، إلا أن الحكومة لا تزال تُصر أن هذا الفحص ليس البديل الأمثل لفترة العزل الوقائي، وتدعم موقفها من خلال الإستناد إلى ما يصر عليه رئيس الوزراء وكذلك وزيري النقل والصحة وهو أن تطبيق الفحص في المطار على القادمين من الدول الأخرى لن يكشف سوى عن 7% فقط من المصابين.

نسبة الـ 7% أتت من النموذج المبدئي الذي طرحته وزارة الصحة في بداية الأزمة، وكحال جميع النماذج فإنها لا تستند على ما يحدث في الواقع بل إنها تصدر من خلال تحليل مجموعة من الفرضيات التي تخبرك أن ذلك ما سيحدث وفق ظروف معينة، وصراحة بناء على تلك الفرضيات فإن تلك النسبة صحيحة ولكن المشكلة أن تلك الفرضيات ذاتها محل تساؤل ويصفها أحد علماء الأوبئة بالـ”عجيبة”.

دعونا نلقي نظرة على تلك الفرضيات التي تتمسك بها الحكومة :

1. لا أحد مُصاب يأتي إلى بريطانيا:

نعم أنت لم تخطئ بقراءة المكتوب، في هذه الفرضية لا أحد يصعد إلى الطائرة حال كان مصابًا بفيروس كورونا، ونظرًا لأن من المستبعد أن يصعد أي شخص مصاب بالفيروس للطائرات بالدول الأخرى، فإنك بذلك حتى لو لم تثق بالنظام الصحي للدول الأخرى وترى أنك سوف تحصل على نتائج أكثر مصداقية، فإن القيام بالفحص بالمطار سيجعلك تكتشف المصابين بنسبة 3:1 وبذلك ستفوق نسبة الـ7% النهائية وفق لما جاء عبر الدكتور لوكا فيريتي عالم الأوبئة بجامعة أوكسفورد والذي كان أحد الذين قدموا النصيحة للحكومة الإيطالية ودعوا إلى إستخدام فحص كورونا بالمطار لكشف المصابين.

2. فحص المطار لن يكشف المصابين بدون أعراض ظاهرة:

في هذه الفرضية يعتقد المسؤولين في الحكومة أن المصابين الذين لا يظهر عليهم الأعراض لن يتم اكتشافهم من خلال ذلك الفحص، وأن الوحيدين الذين سوف يتم اكتشافهم هم من تعرضوا للإصابة بالمرض وتخطت إصابتهم فترة الخمسة أيام التي تبدأ بعدها الأعراض بالظهور وبدأت أعراضهم بالظهور خلال الرحلة، لقد توصلوا إلى نسبة الـ7% بناء على الرحلات متوسطة المدة وبالنظر إلى فارق المدة بين الرحلات المختلفة فإن النسبة قد ترتفع إلى 12% في الرحلات الطويلة وقد تقل إلى 3% في الرحلات القصيرة ولكن السياسيين لسبب ما لم يلتفتوا إلى كل ذلك وقرروا أن النسبة هي دائمًا 7%، ولكن من جديد هذه الفرضية يمكن دحضها.

مضت 6 أشهر على بدء الجائحة وبالدليل فإن فحص البي سي أر بإمكانه الكشف عن المصابين في فترة الحضانة والذين لا يمتلكون أي أعراض تشير للإصابة بالفيروس، ولكن حتى مع افتراض أن المصابين القادمين على متن الطائرة لم يتخطوا بعد فترة الحضانة فإنه لا يزال بالإمكان اكتشاف إصابتهم بالفيروس .

3. المسافرون كأي شخص أخر

حسب دراسة أجريت في الهند 70% من الأشخاص المصابين بالفيروس لم يصيبوا آخرين بالعدوى، بينما جاءت 85% من مجموع الإصابات فقط عبر 5% من إجمالي حالات الإصابة الأصلية، لذا عندما يتعلق الأمر بإيقاف تفشي فيروس كورونا فإن إيقاف الفعاليات التي تساهم بانتشاره سريعًا بالتأكيد خطوة حاسمة .

الأمر ليس فقط ممكن ولكنه كذلك مرجح، أن يكون للمسافرين معارف كثر على عكس المعتاد خلال سفرهم، مما يجعل كشف إصابتهم بالمرض أمرًا أكثر أهمية في طريقهم للبلاد، ولكن بتلك الفرضية لم يُنظر لذلك .

4. جميع الدول متماثلة:

جميع الدول من المفترض أن يكون لديها معدل انتشار متساوي لفيروس كورونا، لذا لا يوجد طريقة لنعرف إذا كان الفحص سيكون أكثر فاعلية بالنسبة لبعض الدول على عكس الحال لغيرها نظرًا لجودة النظام الصحي الذي تمتلك.

الحكومة تمتلك قائمة مسارات الرحلات الخاصة بها، ولكن حتى لو خضع الزائرين من بعض الدول لفترة العزل الوقائي عند وصولهم إلى بريطانيا، تطبيق فحص الكشف عن فيروس كورونا في المطار سيكون مفيدًا لأنه سيساعد على تخفيض مدة الخضوع للعزل دون الحاجة للانتظار 14 يومًا.

هناك إقتراح يتضمن خضوع المسافرين للفحص في المطار ومن ثم الخضوع للفحص بعد ذلك بثمانية أيام مع الخضوع للعزل الوقائي لمدة يومين، هذا النظام يمكنه كشف 96% من حالات المصابين، ولكن هذا النظام لن يكون من السهل تطبيقه بشكل عام ولكن ربما يكون كذلك في بعض الحالات.

5. النماذج يمكنها أن تخبرنا ما سوف يحدث

خلال الجائحة اعتمدت الحكومة على النماذج كدليل من أجل اتخاذ القرارات، ولكن تلك النماذج تكون جيدة بقدر فرضياتها وهو الشئ الذي ثُبت أنه ليس من الصحيح الاعتماد عليه عند التعامل مع ما يحدث في الواقع لأن الفرضيات لا يمكنها أن تعكس مدى تعقيد الأمور في الواقع، ولكن هذا لا يعني أننا لا يجب أن نعتمد على النماذج ولكن أن نتعامل معها بحذر .

الآن هناك العديد من الدلائل عن مدى فاعلية فحص فيروس كورونا بالمطار والتي تم التوصل إليها بناء على تجارب عدة دول مختلفة مع هذا النظام، لماذا لا تستخدم الحكومة ذلك بدلًا من النماذج ؟ .

يقول دكتور دي فيريتي عن استخدام النماذج من قِبل السياسيين أن اللجوء للنماذج من أجل اتخاذ القرارات هو شيء ثابت يقوم به السياسيين دائمًا وقد أصبح لهم كالعادة ولكن هذا الأمر لا ينطبق على بريطانيا فحسب بل كذلك غيرها من الدول لأنهم دائمًا يبحثون عن مبرر لقراراتهم.

المصدر : .Sky news

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى