بريطانيا بالعربيمقالات

لماذا شهدت بريطانيا أعلى نسبة وفيات بفيروس كورونا في أوروبا؟

لندن – بريطانيا بالعربي: أطلق البعض على بريطانيا لقب “رجل أوروبا المريض” بعد أن سجلت وفيات وفيات فيروس كورونا في بريطانيا نسبة أعلى عن أي دولة أخرى في قارة أوروبا، ووصف وزير الخارجية دومينيك راب الوضع بـ “مأساة كبيرة”. سجلت المملكة المتحدة اليوم الخميس، 30.076 حالة وفاة بفيروس كورونا، بينما بلغ عدد الوفيات في إيطاليا 29.684، وفي إسبانيا 25.857، وفي فرنسا 25.531، وسجلت الولايات المتحدة 72.000 حالة وفاة حتى اللحظة.

إذن، لماذا شهدت بريطانيا معدلات وفيات أعلى عن باقي الدول الأوروبية؟ نقدم هنا بعض الأسباب المحتملة وراء “المأساة الكبيرة” وارتفاع نسبة وفيات فيروس كورونا في بريطانيا تحديدًا عن بقية أوروبا:

الكثافة السكانية

بريطانيا هي من أعلى الدول الأوروبية كثافة سكانية مع وجود عدد كبير من السكان في المدن والمناطق الحضرية.

في فرنسا، هناك مدينة واحدة فقط يزيد عدد سكانها عن مليون شخص، هي باريس. بينما في المملكة المتحدة هناك أربع مدن: لندن ومانشستر الكبرى ومتروبوليتان غلاسكو وبرمنغهام.

ويصعب الحفاظ على مسافة آمنة في المناطق المزدحمة مما يزيد من فرص انتقال العدوى.

ويؤكد ذلك أن فيروس كورونا حصد أرواح أعداد كبيرة من البريطانيين في المدن بينما بعض المناطق الريفية كانت خالية تمامًا من الوفيات.

وكانت بعض أفقر الأحياء في لندن هي الأكثر تضررًا، من بينها كرويدون وبرنت.

وأظهرت إحصائيات مكتب الإحصاء الوطني أن فيروس كورونا حصد أرواح 86 شخصًا لكل 100 ألف في العاصمة، مقارنةً بمتوسط 36 شخصًا في انجلترا وويلز.

الشيخوخة والمرض

متوسط أعمار البريطانيين مرتفع قليلًا، ومعظمهم يعانون من أمراض مزمنة من بينها السكري وأمراض القلب والسرطان والزهايمر.

وينتشر فيروس كورونا بشكل أكثر بين كبار السن، وكانت النسبة الأكبر للوفيات بين من هم فوق 80 عامًا وانتشر بشكل كبير في دور الرعاية.

كما تبين أن الزهايمر يزيد من خطر الوفاة بفيروس كورونا بنسبة 39%، وأمراض القلب المزمنة تزيد فرص الوفاة بنسبة 31%، وأمراض الكلي بنسبة 25% وأمراض الرئة المزمنة بنسبة 19%.

ويوجد حوالي 400 ألف شخص في دور الرعاية في المملكة المتحدة، والعديد منهم لديهم أمراض تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا.

REUTERS

وظهرت مخاوف أيضًا من أن بعض وفيات فيروس كورونا في بريطانيا جاءت بسبب الإغلاق والحظر. قال السير ديفيد شبيغلتر من جامعة كامبريدج “ما نعرفه هو أن فيروس كورونا أثر بشكل كبير على الخدمة الصحية، ليس فقط من حيث الرعاية الروتينية والعلاجات عن بعد وإلغاء العمليات الجراحية، ولكن أيضًا بسبب قرارات مثل منع الأشخاص الذين ظهرت عليهم الأعراض من الذهاب إلى المستشفى”.

البدانة

أشارت الدراسات إلى أن عدد كبير من المصابين بفيروس كورونا وفي نفس الوقت يعانون من السمنة، يحتاجون إلى رعاية طبية وهم أكثر عرضة للوفاة من المرضى الأقل وزنًا.

وبريطانيا هي ثالث دولة اوروبية في معدلات البدانة بعد مالطا وتركيا، هناك 13 مليون بالغ في المملكة المتحدة يصنفون على أنهم بدناء.

ويقول الدكتور ديان من جامعة ريدينغ “صحيح أن السن هو أكبر عامل خطر للإصابة بأمراض شديدة ووفيات، ولكن يبدو أن السمنة هي أخطر عامل بعد السن مباشرةً”.

وأظهر باحثون بريطانيون أن المصابين بفيروس كورونا الذين يعانون من السمنة المفرطة والمحتجزين في المستشفيات هم أكثر عرضة للوفاة بنسبة 37% عن الأشخاص الأكثر صحة.

وهناك اعتقاد أن البدناء يعانون من مشاكل في التنفس تقلل من كفاءة الرئة، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الوفيات.

فيروس كورونا

مركز السفر العالمي

لندن (شهدت ربع حالات الوفاة في بريطانيا) هي واحدة من المدن العالمية القليلة التي تعتمد على الترابط والتواصل في التجارة والتبادل التجاري.

وقبل الإغلاق، كان مطار هيثرو أكثر المطارات ازدحامًا في أوروبا، حيث يستقبل أكثر من 110.000 شخص يوميًا.

ويقول البروفيسور كيث نيل، عالم الأوبئة في جامعة نوتينغهام إن هناك احتمالية أن فيروس كورونا انتشر في لندن قبل أن تحذر الصين من خطورته.

وقال البروفيسور جون نيوتن، من دائرة الصحة العامة في انجلترا “لأننا على اتصال بباقي دول العالم، جاء الناس من أماكن متعددة في نفس التوقيت”.

ورغم القيود على السفر في الوقت الحالي، يصل إلى المملكة المتحدة يوميًا 15.000 شخص ولا يخضعون لفحوصات فيروس كورونا.

ويقول أستاذ الاوبئة جابرييل سكالي “من الصعب جدًا فهم سبب استمرار المملكة المتحدة في سياسة الحدود المفتوحة، الأمر غريب حقًا”.

الإغلاق المتأخر

يرى بعض العلماء أن تدابير الحظر والإغلاق في بريطانيا جاءت متأخرة كثيرًا ولم تكن صارمة بما فيه الكفاية مقارنةً بالدول الأخرى.

فرضت الحكومة البريطانية الإغلاق بعد ألمانيا وأيرلندا والعديد من دول أوروبا الشرقية.

وحظرت إيطاليا وإسبانيا ممارسة الرياضة في الهواء الطلق ولكن المملكة المتحدة سمحت بذلك.

ويقول المستشار العلمي للحكومة الإيطالية إنه كان ينبغي أن تعلن المملكة المتحدة الإغلاق مبكرًا 10 أيام.

وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في إيطاليا “عندما تتخذ القرار في وقت متأخر، فإنك تدفع الثمن من المرضى والوفيات”.

الإحصائيات المغلوطة

لا تعتبر بريطانيا الأكثر تضررًا من فيروس كورونا عند النظر في نسبة الوفيات بالنسبة لإجمالي عدد السكان.

وبحساب نسبة الوفيات لكل مليون شخص، فإن المملكة المتحدة أفضل من بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا، وأسوأ كثيرًا من الولايات المتحدة.

كما أن الدول تجمع إحصائيات الوفيات بشكل مختلف. في إسبانيا، لا تشمل سجلات الوفيات المعلنة وفيات دور الرعاية كما تفعل بريطانيا.

ولا تضيفهم ألمانيا إلا إذا كانت نتائج الاختبارات إيجابية، بينما تشمل وفيات بلجيكا أي حالة وفاة يشتبه الأطباء في إصابتها بفيروس كورونا.

وقال رئيس الأطباء البروفيسور كريس ويتتي “تقيس كل دولة أعداد الوفيات بطريقة مختلفة، ولهذا فإن مقارنتها ببعضها البعض قد لا تكون دقيقة إلى حد كبير”.

فيروس كورونا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى