ماهو الذكاء الاجتماعي ولماذا يجب أن تحصل عليه بأسرع وقت
عندما يتحدث الناس عن الذكاء، فإنهم عادة ما يقصدون النوع “الصعب” من المهارات العقلية مثل: حل المشكلات، والمهارات اللفظية، واستخدام المنطق. ولكن عندما يتعلق الأمر بما يسمى بالمهارات “اللينة أو الناعمة” مثل قراءة المشاعر، أو فهم العلاقات، أو الاستماع والتواصل، فنادرًا ما تدرج هذه المهارات باستبيانات الذكاء. وعلى الرغم من أن المهارات “الصعبة” مهمة جدًا، إلا أن المهارات اللينة أو الناعمة هي التي تساعدنا في الحفاظ على الصداقات، أو الشعور بالرضا في العمل، أو ببساطة العثور على السعادة في الحياة. ونظرًا لأن هذه المهارات، التي نسميها أيضًا الذكاء الاجتماعي، غالبًا ما يتم تجاهلها في المدارس على الرغم من أهميتها ومن وجود مجموعة كبيرة من الأبحاث التي تكشف عن فوائدها التي لا يمكن إنكارها.
محتوى المقال
ماهو الذكاء الاجتماعي؟
الذكاء الاجتماعي هو عبارة عن مهارات يمكن لأي شخص أن يتعلمها، ولا تعتمد على الجينات أو الوراثة، على الرغم من أن بعض الناس قد يكونون أكثر قابلية لاكتسابها من غيرهم. وقد تم الحديث عن نظرية الذكاء الاجتماعي لأول مرة من قبل عالم النفس إدوارد ثورندايك في عام 1920.
واليوم يمكن القول أن تعريف الذكاء الاجتماعي هو القدرة على قراءة التعبيرات ولغة الجسد والتفاعل معها بشكل صحيح، ومراقبة وفهم ومعرفة مشاعر الفرد والتحكم بها، والاندماج مع المجموعات المتنوعة من الثقافات الاجتماعية.
تطوير الذكاء الاجتماعي
يطور غالبة البالغين هذه المهارات إلى حد ما، وقد تكون لدينا فكرة عامة عما يعنيه أن تكون ناجحاً اجتماعيًا، لكننا نختلف في قدرتنا على تحمل واتباع قواعد الحياة الاجتماعية والتعامل معها. حيث تظهر العلامات الأولى للذكاء الاجتماعي لدى البشر في وقت مبكر من الأسبوع السادس من الحياة. وفي عمر 18 شهرًا، يمكن للأطفال فهم إشارات التواصل الاجتماعية الموجهة لهم، ومع تقدمنا في السن تصبح بيئتنا الاجتماعية أكثر تعقيدًا وتطلبًا، ولتطوير المهارات والقدرات على مواكبة هذا التعقيد فإننا بحاجة إلى التعلم، وذلك باكتساب مهارات اجتماعية جديدة فدعونا نرى كيف.
تنمية الذكاء الاجتماعي
يعتقد الكثير من الناس أن الذكاء الاجتماعي هو شيء “يأتي إليك”. نظرًا لأنه لا يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالربح والتقدم المالي. إلا إن تطوير الذكاء الاجتماعي له فوائد عديدة لرفاهيتنا الاجتماعية والعاطفية وحتى الجسدية، وسنذكرها بإيجاز.
القدرة على التكيف مع البيئات الاجتماعية المتغيرة
يتغير عالم اليوم بسرعة كبيرة ويصبح ما كان طبيعيًا في عام 2020 ذكريات جميلة من الماضي في عام 2022. وإذا كانت جائحة كوفيد 19 قد علمتنا أي شيء، فهو أن معرفة الحقائق واكتساب المهارات أمر مهم جداً، ولكن الأمر الأكثر أهمية للبقاء على قيد الحياة هو القدرة على التكيف مع الظروف الجديدة والقدرة على اتخاذ موقف إيجابي عند مواجهة التحديات. وكلما تمكنت من تطوير ذكائك الاجتماعي، زادت مهارتك في إدارة البيئات الاجتماعية المتغيرة المعقدة، بالإضافة إلى قدرتك على التحكم بعواطفك.
الرفاه الشخصي
نظرًا لأن الذكاء الاجتماعي يتعلق كثيرًا بالقدرة على التواصل، وتحليل الإشارات العاطفية، وفهم مشاعرنا ومشاعر الآخرين، فإنه يمنحنا أيضاً أدوات لتحقيق مستويات أعلى من الرفاهية الشخصية والعاطفية.
وقد اكتشفت الأبحاث المنشورة في 2018 أن الأفراد الذين يمتلكون مستويات أعلى من المهارات المتعلقة بالذكاء الاجتماعي هم أكثر تفاؤلاً، ويعيشون بطريقة أكثر إيجابية، وأكثر رضا عن حياتهم بشكل عام. وهذا يقودنا إلى النقطة التالية “الرفاهية”.
الرفاه العقلي والجسدي
أثبتت الأبحاث العلمية مرارًا وتكرارًا أن الأشخاص الذين لديهم روابط اجتماعية قوية، والذين هم أكثر تفاؤلاً وإيجابية، يعانون أقل من مشاكل في الصحة العقلية، وإجهاد أقل، وبالتالي يتمتعون بصحة بدنية أفضل.
النجاح الاقتصادي
أخيرًا، من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا حول الذكاء الاجتماعي أنه لا علاقة له بالنجاح الاقتصادي. يمكن أن تلعب القدرة على التكيف في مكان العمل والتنظيم الذاتي العاطفي وفهم المشاعر المعقدة للآخرين، وبناء علاقات مثمرة، والعمل الجماعي جنبًا إلى جنب مع مجموعة متنوعة من المهارات والسمات المرتبطة مباشرة بالإنتاجية دورًا حاسمًا عندما يتعلق الأمر بالنجاح في العمل.
حيث يميل الكثير من أصحاب العمل إلى تقدير الذكاء الاجتماعي أكثر مما يقدرون درجة معدل الذكاء العادية. ووفقًا لفيكي واليس رئيس قسم الموارد البشرية في شركة Santander، فإن الصفات التي لها علاقة بالذكاء الاجتماعي مثل “العمل الجماعي والتواصل والمهارات الاجتماعية” هي أثمن المهارات التي يمكن لأي شخص جلبها إلى مكان العمل الجديد. وقد يكون هذا أكثر أهمية لعدد من أصحاب العمل من مهارة اتخاذ القرار أو الكتابة أو حتى أخذ المبادرة.
علامات الذكاء الاجتماعي
يمكن لأولئك الذين يتمتعون بذكاء اجتماعي متطور للغاية تحليل المواقف الاجتماعية المعقدة، والتنبؤ بمشاعر الآخرين أو ردود أفعالهم، ولديهم شعور حدسي بشأن ما سيقولونه في مواقف معينة، والثقة بالنفس. إليك قائمة ببعض المهارات الأساسية التي يشملها هذا المفهوم.
الاستماع الفعال: الاستماع بانتباه إلى الشخص الذي يتحاور معك ويحدثك، والانتباه إلى إشارات التواصل التي يستخدمها الشخص الآخر لنقل الرسالة والفكرة التي يرغب بإيصالها إليك.
الطلاقة اللفظية ومهارات المحادثة: وهي القدرة على إجراء محادثة مع أي شخص بغض النظر عن عمره أو ثقافته أو مستواه التعليمي. وهنا يعد الاستماع الفعال مقدمة مهمة لهذه المهارة.
فهم الأدوار والقواعد الاجتماعية: على الرغم من حقيقة أن لدينا جميعًا طرقنا الطبيعية في التواصل والتفاعل، فإن الذكاء الاجتماعي يعني فهم كيفية توجيه ذلك، حيث نحتاج أيضًا إلى فهم القواعد الاجتماعية في مواقف محددة.
فهم الحالات العاطفية للآخرين: وهي القدرة على وضع أنفسنا في مكان شخص آخر، ولكي نتمكن من القيام بذلك نحتاج إلى فهم الأدوار والقواعد الاجتماعية، والاستماع بعناية إلى الآخرين، ومحاولة تصور أنفسنا في وضعهم.
لعب الأدوار: إلى جانب فهم مجموعة متنوعة من الأدوار الاجتماعية، من المهم أيضًا أن تكون قادرًا على القيام بأدوار مختلفة. لأن ذلك مهم بشكل خاص في بيئة العمل، حيث تحتاج إلى أن تكون قادرًا على لعب “المرشد” و “المتدرب”، والرئيس والمرؤوس. كما عليك أيضًا أن تكون صديقًا لطيفًا في مكان ما، ورائد أعمال جاد في مكان آخر.
الكفاءة الذاتية والمبادرة: إنها القدرة على تحفيز نفسك للعمل والانتاج والعلاقات الشخصية، وكذلك في إدارة وتنظيم حالاتك العاطفية وتسيير الاعمال.
إدارة الانطباع: يشير هذا إلى القدرة على إدارة الانطباع الذي تتركه لدى الآخرين وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بلعب الأدوار.
كيف يمكنني تحسين ذكائي الاجتماعي؟
هناك عدة طرق بسيطة لتحسين مهاراتك في الذكاء الاجتماعي:
انتبه جيدًا للأشخاص والمواقف من حولك
ينتقل معظمنا ببساطة من موقف اجتماعي إلى آخر بسهولة، حيث يمكننا أن لانكترث، أو أن نكون نصف حاضرين فقط، أو نتابع المواقف باهتمام. فإذا كنت ترغب في تطوير مهاراتك في الذكاء الاجتماعي بشكل أكبر، فأنت بحاجة إلى أن تكون حاضرًا في كل المواقف وملاحظًا للآخرين. اتبع تعابير وجههم أثناء حديثهم معك أو مع الآخرين، وأيضاً التفكير فيما يتحدث عنه الآخرون، ومن هم، وكيف يشعرون بناءً على ما تراه.
وهذا ليس كل شيء. الآن بعد أن تعرفت على إشارات الذكاء الاجتماعي، ستتمكن من التعرف على الأشخاص الأذكياء اجتماعيًا من حولك. وانتبه لكيفية تصرفهم في المواقف المتنوعة وفكر فيما إذا كان بعضًا من ذلك مفيدًا لك أيضًا.
افهم ردود أفعالك الجسدية والعاطفية
في كثير من الأحيان، يمكن أن تكون ردود أفعالنا الجسدية والعاطفية مصدرًا رائعًا لفهم المواقف الاجتماعية المختلفة. حيث نادرًا ما نتوقف للتفكير في سبب تعرضنا لألم في المعدة فجأة، أو لماذا نشعر بالنعاس في كل مرة يبدأ فيها اجتماع مع عميل معين. أو لماذا لدينا بعض الإحراج غير المعتاد حين نقابل شخص ما، أو لماذا هناك زيادة مفاجئة في الطاقة لديك مع شخص آخر، فمن الجيد أن تتوقف وتفكر لمدة دقيقتين فيما تشعر به وتفهم السبب.
احترام ومعرفة الثقافات الأخرى
حتى لو كنت تعيش في مكان فيه ثقافات عديدة، فإن المعرفة بالثقافات الأخرى يمكن أن تساعدك على توسيع آرائك، وربما تغير بعض وجهات نظرك أو معتقداتك في بعض الأمور. إن اعادة النظر في بعض معتقداتنا السابقة يمكن أن يحفز بشكل كبير نمونا الإجتماعي والثقافي كأفراد. وعلاوة على ذلك، يمكن أن تؤدي الاختلافات الثقافية أيضًا إلى اختلافات من حيث وجهات النظر السياسية، والتوجهات الجنسية، وما إلى ذلك.
تدرب على الاستماع النشط
قد يبدو الأمر سهلاً، فكل ما عليك فعله هو الاستماع، لكن الكثير منا لا يستمع حقًا. للتمكن من الاستماع النشط واليقظ، تحتاج إلى التركيز بنسبة 100% على المحاور أمامك، وتذكر ما يتحدث عنه، وطلب توضيحات، والتعليق على كلماته، ومنع نفسك من المقاطعة، والاهتمام بإشارات الوجه والجسم.
قدِّر الأشخاص الذين تحبهم
غالبًا ما نأخذ الأشخاص الذين نحبهم خاصة أولئك الذين يحبوننا، كأمر مسلم به. كل ما في الأمر أنهم موجودون دائمًا هناك. ولكن الأشخاص الأذكياء اجتماعيًا يعرفون تماماً كيفية الحفاظ على العلاقات الشخصية العميقة من خلال تقدير الأشخاص الذين يحبونهم حقًا. وذلك بالقيام ببعض الأمور المهمة في حياة الشخص الآخر، حيث يمكنك كتابة خطاب امتنان لشخص عزيز كان له تأثير كبير على حياتك، أو ببساطة التركيز أكثر على أن تكون حاضراً في حياته عند الحاجة.
تتطور الثقافة الإنسانية أكثر فأكثر، ويتطلب الأداء الاجتماعي الممارسة والتدريب، ثم تأتي الأشياء بشكل طبيعي في النهاية. ولكن من أجل القيام بذلك، نحتاج إلى التعرض لمواقف اجتماعية معينة، ونحتاج إلى تحليلها، واستثمار الجهد في تعلم كيفية التصرف.