2019.. هل يحمل معه انفراجة في الاقتصاد العالمي؟
تميز عام 2018 بالعديد من العثرات الاقتصادية بالنسبة لبعض الدول، التي وجدت نفسها أمام التهديدات والعقوبات الجمركية. فهل يحمل عام 2019 معه انفراجة اقتصادية وتحسن في العلاقات بين الدول؟
تصف كلاوديا شموكر، الخبيرة الاقتصادية لدى المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، عام 2018 بـ”الكارثة”. نزاع تجاري متصاعد بين الولايات المتحدة والصين، العقوبات الجمركية على الصلب والألمنيوم للأوروبيين، والقمة غير المكتملة لمجموعة السبع الكبار في كندا ومنظمة التجارة العالمية المتعثرة – هذه مجرد أمثلة قليلة للتعثرات التي حدثت في العام المُنصرم. فهل يطرأ تحسن على الوضع الاقتصادي في عام 2019؟. وعن هذا السؤال تُجيب شموكر قائلة: “الأمل موجود بالطبع.” وتُضيف الخبيرة الاقتصادية: “لكن قد يستمر الوضع على هذا النحو. لأننا نعلم أنه لا يمكن التنبؤ بما قد يُقدم عليه الرئيس الأمريكي”.
محتوى المقال
النزاع التجاري بين الولايات المتحدة و الصين
سيستمر العالم العام المقبل في حالة ترقب بشأن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين. في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس في كانون الأول/ ديسمبر، اتفق الطرفان على “وقف إطلاق النار”، والذي تمتد 90 يومًا، حتى نهاية شباط/ فبراير، يتخلى الطرفان عن زيادات الرسوم الجمركية والتفاوض. وقال راجيف بيسواس كبير الاقتصاديين في آسيا لدى شركة IHS Markit البريطانية للخدمات المعلوماتية: “تحتاج الصين لتقديم تنازلات بعيدة المدى للولايات المتحدة في مجالين رئيسيين.” وأضاف بيسواس في حديثه لـ DW: “سيتوجب على الصين العمل على خفض فائضها التجاري مع الولايات المتحدة بشكل كبير، وكذلك تحسين حماية حقوق التأليف والنشر للشركات الأجنبية في الصين”.
ويرى جين كانرونجغ في اتفاق فترة الـ 90 يومًا وضعا “متفائلا للغاية”، خاصة وأن هناك قضايا أخرى متعلقة بالنزاع. غير أن نائب مدير معهد العلاقات الدولية في جامعة الشعب في بكين متفائل بما فيه الكفاية للتطلع إلى شكل من أشكال “معاهدة السلام” في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين بحلول نهاية عام 2019، ويقول: “لهذا يجب تمديد فترة “وقف إطلاق النار” الحالية لعدة مرات.”
لكن حقيقة أن الولايات المتحدة ألقت القبض على رئيسة المالية في شركة هواوي الصينية العملاقة للهاتف المحمول في كانون الأول / ديسمبر لا يجعل الوضع أكثر سهولة. ويقول كانرونغ: “منذ ذلك الحين يرى العديد من الصينيين الولايات المتحدة كدولة مارقة”. ويضيف: “وهذا سيؤثر سلباً على العلاقات الثنائية”. وعلى العكس من ذلك، تتهم الولايات المتحدة وبلدان أخرى شركات التكنولوجيا الصينية بالتجسس لصالح الحكومة في بكين.
ويقول رولف لانغهامر من معهد كيل للاقتصاد العالمي: “يتعين على الصينيين بناء رأس مال كبير من الثقة للقضاء على عدم الثقة هذه، والأمر ليس بهذه السهولة”. ويضيف الخبير الاقتصادي في حديثه لـ DW قائلا: ” لدي شك حول ما إن ستكون السياسة الاقتصادية لعام 2019 أفضل من ما كانت عليه في عام 2018″.
الرسوم الجمركية على السيارات الأوروبية
دخلت الولايات المتحدة في نزاع حتى مع الأوروبيين، إذ فُرضت عليهم في آذار/ مارس، عقوبات جمركية على الفولاذ والألمنيوم. كما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مراراً برفع الضرائب الجمركية على السيارات الأوروبية أيضاً. هذا المشهد أغضب بالأخص الشركات الألمانية العملاقة مثل دايملر، بي ام دبليو وفولكس، ولهذا السبب حاول ممثلون عنها، في كانون الأول/ ديسمبر 2018، تغيير موقف ترامب في محادثة شخصية. لكن السؤال ما إن كانوا قد نجحوا في ذلك، هذا ما سيُظهره عام 2019.
ويعتقد الخبير الاقتصادي لانغهامر أن فرض الرسوم العقابية على سيارات الاتحاد الأوروبي أمر “غير مرجح”. ويُضيف: “وإلا فما معنى أن يلتقي ممثلوها بالرئيس الأمريكي؟. ترامب، لاعب ذكي، فهو يصعد من لهجة التهديد لأقصى درجة ومن ثم يمتنع على نحو مفاجئ عن المقابلات الشخصية.” غير أن لانغهامر يرى أنه من الصعب التنبؤ بالتطورات القادمة، لأن موقف ترامب “يتغير من يوم لآخر”، بحسب رأي الخبير الاقتصادي.
اتفاقيات جديدة
غير أن كلاوديا شموكر، تخالف الخبير الاقتصادي لانغهامر الرأي، وتعتقد من جهتها بأن ترامب يريد فرض رسوم جمركية على السيارات. وقالت الخبيرة الاقتصادية لدى المجلس الألماني للعلاقات الخارجية: “في اتفاقية التجارة الأمريكية مع كل من كندا والمكسيك، تم الاتفاق على حصص لواردات السيارات إلى الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي لن يكون في صالح لولايات المتحدة، إلا في حالة زيادة الرسوم الجمركية”.
وتضيف شموكر أنه من المحتمل أن تُفرض الرسوم الجمركية “عاجلاً أم آجلاً” إذا لم يستطع مستشارو ترامب أن يثبتوا بشكل مقنع أن هذا ليس في مصلحة الاقتصاد الأمريكي. “إن إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة المبرمة منذ عقود بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك هي واحدة من نجاحات ترامب في عام 2018.” ففي أيلول /سبتمبر، نجح ترامب في انتزاع اتفاقية تجارة معدلة من جارته المترددة. ومن جانبه، يأمل الاتحاد الأوروبي في أن يتمكن من إقناع الولايات المتحدة باتفاق يشمل أيضاً تجارة السيارات. وسيُظهر عام 2019، ما إن ما كان سيعرف هذا القطاع التقدم أيضاً.
الموعد النهائي لمنظمة التجارة العالمية
إصلاح منظمة التجارة العالمية (WTO) يعد أحد أكثر واجبات السياسة التجارية إلحاحاً، والتي يتعين إنجازها خلال العام الجديد. نقطة الخلاف الأكبر هنا تكمن بالذات في إجراء حل الخلافات. وعن هذه النقطة تقول شموكر: “الوقت ينفذ، ويجب أن يحدث شيء ما في عام 2019”.الولايات المتحدة تعرقل التعيينات الجديدة بشأن منصب القاضي في محكمة الاستئناف، والتي يشعرون من خلالها بالتعامل غير العادل خلال النزاعات.
ومن بين سبع مناصب سابقة، يشغل ثلاثة قضاة فقط حالياً هذا المنصب- وفقاً للقوانين الأساسية الخاصة بوضع الحد الأدنى للقضاة من أجل اتخاذ أي قرارات. لكن مدة وظيفة اثنين من القضاة الثلاثة تنتهي في نهاية عام 2019. وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول ذلك الوقت، لم يعد بإمكان منظمة التجارة العالمية التحكيم في النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء فيها البالغ عددها 164 دولة.
قدر كبير من عدم اليقين
اليقين الوحيد في عام 2019 هو أن الكثير من المسائل الاقتصادية سيكتنفها الغموض. و”هذا يقلل من الاهتمام في القيام باستثمارات طويلة الأمد”، كما تقول الخبيرة الاقتصادية كلاوديا شموكر: “وهذا له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي.” الخطر الآخر هو أن جميع الصراعات لا تترك أي وقت لقضايا مهمة في المستقبل: مثل اتفاقيات الاستثمارات، نقل التكنولوجيا، الاقتصاد الرقمي والتجارة من خلال الخدمات الإلكترونية.
ويقول لانغهامر من معهد الاقتصاد العالمي: “على الصعيد الكامل للتعامل هناك تحول من تجارة السلع التقليدية نحو هذه القطاعات الجديدة”. ويُضيف: ” على الرغم من ذلك لا يزال النزاع حول الآليات القديمة، حول الرسوم الجمركية.”