تكيف الثقافات الأخرى مع المجتمع الهولندي
وفقا لتقرير دولي نشرته منظمة اليونيسيف فإن هولندا هي أفضل مكان في العالم لتربية الأطفال، لكن هل يمكن أن تختلف تجربة الأطفال والمراهقين متعددي الثقافات (الأطفال الذين عاشوا في بيئيتين ثقافيتين أو أكثر) عن الأطفال الهولنديين.
قد يتمتع المراهقون متعددو الثقافات بمزايا هائلة وقد يواجهون تحديات فريدة لكن ربما يكون بناء شعور قوي بالذات أمرًا صعبًا، إذن كيف يمكن دعم المراهقين متعددي الثقافات بشكل أفضل وبناء أساس صحي لمرحلة البلوغ.
أظهر كتاب Raising Global Teens الذي كتبته طبيبة الأطفال المغتربة في هولندا أنيشا إبراهام أن فئة كبيرة من الشباب تتغير اتجاهاتهم ومواقفهم الفكرية، وأن أكثر من نصف هذه الفئة يشعرون بالأسف ويتسائلون دائمًا عن هويتهم وانتمائهم، وذلك مع ارتفاع عدد السكان المغتربين والذي من المتوقع أن يصل إلى 87.5 مليون في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2021.
نصف الأطفال في أمستردام من أصول غير هولندية.
وكشفت دراسة استقصائية أجرتها شركة Western Union على جيل الألفية وأطفال الجيل Z (الأطفال الذين ولدوا بعد عام 1996) في 15 دولة أن 57% منهم يعتبرون أنفسهم مواطنين عالميين.
وتقول الدكتورة أبراهام “أصبح العالم ملائمًا أكثر للتنقل والتواصل والتعدد الثقافي ويتزايد عدد الأطفال والشباب الذين هاجروا مع آبائهم أو الذين هاجروا بأنفسهم حول العالم، ومن المهم جدًا التحدث عن القضايا المتعلقة بالهوية والانتماء بين المراهقين”.
وتضيف “نحتاج إلى مساعدة الشباب الذين يمرون بمرحلة المراهقة على التفكير في هويتهم الثقافية ومن المهم أن يشعر المراهقون بثقتهم في هويتهم المميزة بمرور الوقت حتى يمكنهم الإجابة على الأسئلة الأساسية مثل: من أنا؟ وإلى أين أنتمي؟”.
وذكرت أن الاستقرار في البيئة الجديدة يستغرق بين سنتين وثلاث سنوات وأن خلق شعور بالهوية والانتماء للمجتمع في نفس الوقت هما عاملان حاسمان في تحقيق السعادة والاطمئنان والاندماج مع البيئة.
وبصفتها مغتربة في هولندا منذ خمس سنوات و”من وجهة نظر مهنية” أيضًا كما تقول، ترى الدكتورة أبراهام أن العيش في هولندا كان رائعًا، وأن الانفتاح والتواصل لدى الهولنديين يلعبان دورًا مهمًا في هذا الأمر مع انخفاض معدلات حمل المراهقات والأمراض الجنسية.
وقالت أبراهام “من الخطأ النظر إلى العائلات متعددة الثقافات على أنها محرومة من شيء ما، فالتعددية الثقافية ميزة رائعة وتكسب الأطفال مرونة مذهلة عند مواجهة التغيير إلى جانب القدرة على التكيف والتسامح وامتلاك أكثر من لغة، إنهم بالفعل جيل المستقبل”.