المغربفرنسا

لماذا ترفض المغرب المساعدة الفرنسية؟!!

بعد مرور ثلاثة أيام على وقوع أعنف زلزال في المغرب منذ عقود، تسعى فرنسا لإرسال مساعدات إلى الدولة التي كانت تحت حمايتها لعقود من الزمن. وفي قمة مجموعة العشرين التي عُقدت في نيودلهي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نهاية الأسبوع أن القوات الفرنسية المساعدة جاهزة للتدخل. ويُفترض أن الفرق الفنية والأمنية قد حزمت حقائبها ولا ينتظر سوى الضوء الأخضر من الرباط.

وما زال الضوء الأخضر لم يظهر بعد، حيث لم يسمح سوى لبعض الدول بإرسال المساعدات إلى منطقة الكارثة، وهي إسبانيا، المملكة المتحدة، تونس، الإمارات العربية المتحدة وقطر. وتشير الخبيرة في الجغرافية، سيلفي برونيل، التي عملت في المنظمات غير الحكومية لمدة سبعة عشر عاماً، إلى أن هذا يعكس التحول الجيوسياسي الذي يشهده العالم حالياً.

لماذا ترى فرنسا نفسها الدولة المناسبة لتقديم المساعدة؟

ترى فرنسا أنها تمتلك مميزات خاصة لتقديم المساعدات الطارئة، وذلك لأن فكرة العمل الإنساني بلا حدود (حيث يتم تقديم المساعدة للأشخاص بغض النظر عن بلدهم) له جذور في فرنسا. وأيضًا الروابط التاريخية بين فرنسا والمغرب، حيث يعدان بلدين من عائلة واحدة إلى حد ما. وتوجد جالية مغربية كبيرة في فرنسا، بالإضافة إلى جالية فرنسية كبيرة في المغرب.

يعيش في فرنسا حوالي 1.5 مليون مغربي، بالإضافة إلى 670 ألف شخص يحملون جنسية مزدوجة. وعلى الجانب الآخر، يعتبر الفرنسيون أكبر مجموعة من الأجانب المقيمين في المغرب، حيث يبلغ عددهم أكثر من 50 ألف شخص. والجدير بالذكر أن الملك المغربي محمد السادس كان حاضراً في فرنسا خلال زلزال الجمعة الماضي، حيث يتلقى العلاج لمرض المناعة الذاتية الذي يعاني منه منذ سنوات.

لماذا لا يسمح المغرب لفرنسا بالمساعدة الآن؟

منذ سنوات عدة، كان هناك نزاع داخلي، ويعتقد المغرب أن فرنسا انجذبت بشكل زائد نحو الجزائر، في حين توجد توترات كبيرة بين المغرب والجزائر، حيث يختلفون بشكل رئيسي حول وضع الصحراء الغربية، فالمغرب يعتبرها أرضًا تابعة له، بينما تشجع الجزائر سكانها على السعي للاستقلال. ومع تحرك فرنسا نحو الجزائر، بسبب إمدادات الطاقة الخاصة بها، يعتبر المغرب أن فرنسا تسيء إليه، وأنه ينبغي على فرنسا اتخاذ موقف يتفق مع موقفه.

وأيضاً يتهم المغرب فرنسا بعدم التعاون في إعادة المواطنين المغاربة الذين تم ترحيلهم من فرنسا. ولذلك، قلَّت عدد التأشيرات التي تصدرها فرنسا إلى المغرب على مدار السنوات الماضية، وهذا الأمر لم يحظَ بالتقدير في المغرب. وعلى أية حال، يطلب المغرب من فرنسا أن تتوقف عن التصرف كأختها الكبرى، حيث يريد المغرب أن يُظهِر أنه دولة ذات سيادة تقرُّ بحقِّها في اتخاذ القرارات بشأن من يُسمَح لهم بالحضور.

ولم يسمح المغرب حتى الآن بدخول دول أخرى، مثل الولايات المتحدة. لماذا؟

وأيضاً لم يتم قبول أي عمال إغاثة من بلدان أخرى على الإطلاق، حيث لا توجد منظمات غير حكومية تعمل على مستوى الدولة. وهناك خطر الازدحام في حالة قبول المساعدة من جميع البلدان والمنظمات، حيث سيتم توجيه عمال الإغاثة بشكل أساسي إلى المناطق التي يسهل الوصول إليها ولأن وسائل الإعلام مركزة في تلك المناطق. ويترتب على ذلك خطر اعتراض طريق بعضهم البعض، في حين أن المناطق النائية مثل الجبال لن تتلقى أي مساعدة.

من المهم جداً أن يتم تنسيق المساعدات بشكل شبه عسكري، ويرغب المغرب في القيام بذلك بنفسه، حيث يريد أن يثبت قدرته على التعامل مع الزلازل، وأنظمته الفعالة في التعامل معها. وتأتي هذه الرغبة من الكبرياء الذي لا يرغب المغرب في أن يُنظر إليه على أنه دولة تحتاج إلى المساعدات الخيرية للتعامل مع هذه الأزمة، خاصةً بعد تعرضه لزلازل سابقة.

لكن هل يستطيع المغرب التعامل مع هذه الأزمة الهائلة؟

“لا يمكن التغلب على المشاكل الهائلة التي تواجه المغرب في حالات الطوارئ وإعادة الإعمار بمفرده، حيث يفتقر إلى الموارد التقنية والمالية اللازمة. وعلى الرغم من ذلك، يسعى المغرب لإرسال إشارة واضحة بأنه يدرك تلك المشاكل وسيعمل على حلها بتأنٍ ودون التسرع”.

لماذا يقبل المغرب بالفعل المساعدات من دول مثل إسبانيا والمملكة المتحدة وقطر والإمارات العربية المتحدة؟

قال المتحدث: “بقبول المساعدات التي تقدمها هذه الدول، يظهر المغرب أنه ليس معارضاً للمساعدات، ولكنه يريد أن يختار نوع المساعدة التي يحتاجها. وقد اختار المغرب هذه الدول لأنها قريبة جغرافياً أو جيوسياسياً. ويجب أن يعلم الجميع أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الآن أكبر مركز للإنسانية في العالم، حيث تنفق أكثر من 1.3% من ناتجها المحلي الإجمالي على المساعدات الإنسانية، بينما في فرنسا لا يتجاوز هذا الرقم 0.5%. وبالتالي، فإن الإمارات لديها المعرفة والموارد اللازمة لتقديم المساعدة المطلوبة”.

ماذا تتوقع للأيام القادمة؟

“يعتقد البعض أن المغرب مستعد لقبول مساعدة فرنسا، حيث يرى بعضهم أن هذا الأمر يصب في مصلحة المغرب من أجل استعادة العلاقات في نهاية المطاف. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس بعد كارثة تسونامي في إندونيسيا عام 2004 بأن الكوارث الكبرى يمكن أن تتحول إلى فرص عظيمة.”

المصدر nrc.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى