لماذا الشعب البريطاني بارد وغير ودود؟
كثيراً ما نسمع أن الشعب البريطاني “بارد” و “غير ودود” حيث تعتبر هذه الصورة النمطية عن البريطانيين شائعة جداً. لكن هل هذه الصورة النمطية صحيحة أم لا؟
محتوى المقال
لماذا يوصف البريطانيون بالـ “الباردين”
لكل بلد ولكل ثقافة صور نمطية خاصة بها، ومن الصور النمطية الشائعة هي أن الشعب البريطاني بارد، وغير ودود، ومتحفظ.
يستغرب الأجانب في أجزاء كثيرة من العالم لماذا البريطانيون دائماً يحيطون أنفسهم بالأسوار العالية. لكن هذا لا يعكس بدقة الشعب البريطاني أو ثقافتهم. في الواقع البريطانيون ودودون للغاية و منفتحون و لطيفون.
المنظور الثقافي
والسبب وراء ذلك أن من ينظرون إلى البريطانيين بهذه الطريقة ينظرون إليهم من خلال منظورهم الثقافي الخاص. و ذلك لأنهم يرون البريطانيين يتصرفون بطريقة معينة و (يسيئون) تفسير ذلك مقارنةً مع قيمهم ومعاييرهم وتوقعاتهم الخاصة.
عندما يحدث ذلك فمن الممكن أن تسيء فهم الآخرين … وهذا السبب يساعد في توضيح مصدر هذه الصورة النمطية للبريطانيين. فلكل شعب عاداته و تقاليده الخاصة التي لا تنسجم بالضرورة مع عادات الشعوب الأخرى، وبالتالي يُساء فهم بعض التصرفات أو العادات الخاصة بالشعوب.
لنستكشف فقط جانبين بسيطين، ولكن مهمين للغاية، للقيم البريطانية التي يمكن أن تلقي الضوء على سبب اعتبار بعض الأجانب لها “باردة”, الجانبان هما الخصوصية والتهذيب الزائد.
القليل من الخصوصية!
الخصوصية مهمة جداً للبريطانيين. فهم يحبون أن يبقوا بمفردهم وأن يتركوا الآخرين بمفردهم. وللمفارقة، تلاحظ أن اللغة الانكليزية مليئة بالعبارات التي تعبر عن نظام القيم هذا مثل keep your nose out أو “أبق أنفك بعيدًا” مثال آخر: you stay out of my business and I’ll stay out of yours “ابق بعيدًا عن عملي وسأبقى بعيدًا عن عملك”، إلخ.
لذلك، عندما يكون البريطانيون في الأماكن العامة يكونون متحفظين للغاية.
و الدخول مع الغرباء في محادثة ليس من عادة البريطانيين (على الرغم من أن هذا ليس هو الحال في جميع أنحاء المملكة المتحدة). في وسائل النقل العام، يقرأ معظم الناس الكتب أو ينظرون إلى هواتفهم أو يضعون سماعات الرأس. وعادةً ما تؤدي محاولة بدء محادثة إلى عدد قليل من الكلمات اللطيفة ولكن بعد ذلك يريد الناس فقط العودة إلى “تركهم بمفردهم”. إنها ثقافة فردية للغاية.
هذا مجرد مثال واحد عن الخصوصية البريطانية و كيف تفرض قواعدها على ما يقوله الناس وكيف يقولون ومتى يقولون. وإذا كانت ثقافتك كأجنبي لا تمانع بفتح مناقشات ودية مع الغرباء، فبالطبع يمكن أن ترى تلك الخصوصية برودًا.
لا تنتهي القصة هنا فطبيعة المكان يفرض طبيعة المحادثة، فما يُنظر إليه على أنه تطفل في الأماكن العامة قد ينظر إليه كمحادثة لطيفة في المقهى.
اظهار التهذيب الزائد
القيمة الأخرى التي يركز عليها البريطانيون بشكل كبير هي الأدب وحسن التصرّف. فالبريطانيون يحبون “من فضلك” و “شكراً” وقد ابتكروا تقنيات معقدة بشكل لا يصدق للتواصل من خلال الفكاهة والسخرية والتلميحات التي تسمح للناس بتقديم حتى أكثر الآراء غير المهذبة بأسلوب مهذب.
فعلى سبيل المثال ، من الشائع تقديم وعود للآخرين مثل” علينا أن نتناول مشروباً في أقرب فرصة” وهي من آداب الحديث. وعادة ما يعرف الطرفان أن هذا من غير المرجح أن يحدث، ولكن بالنسبة لبعض الأجانب الذين يأخذون هذا الوعد حرفيًا يبدو ذلك وقاحةً لأنهم لا يفون بوعودهم أبدًا!
وعادةً ما يكون البريطانيون رسميون جداً ويتواصلون بطريقة جدية نوعاً ما، الأمر الذي يبدو لبعض الثقافات تصرفاً بارداً و غير ودي.
لا يمكن إلقاء اللوم على طرف واحد فقط
تذكر دائمًا في أي موقف متعدد الثقافات أن هناك أكثر من جانب للقصة. فلا ترى جميع الثقافات أن البريطانيين باردون أو غير ودودين – البعض فقط. أولئك الذين يفعلون ذلك عادة ما يرون الأشياء وفقًا لقيمهم ومعاييرهم الثقافية.
وكما هو الحال مع أي ثقافة، بمجرد محاولة فهم وجهة نظر الآخر، يمكنك البدء في فهم أين أسئت الحكم عليه، أو لم تفهمه تمامًا بعد. و من هنا تنبع أهمية الوعي الثقافي.
البريطانيون شعب اجتماعي ويعتقدون أن الوحدة أمر محرج ومخيف!
وجدت دراسة شملت ألفي شخص في المملكة المتحدة أن البريطانيين لا يفضلون أبدًا القيام بالأنشطة الاجتماعية بمفردهم، مثل الذهاب إلى السينما أو تناول الطعام في الخارج أو التسوق أو الذهاب إلى المقهى أو حتى السفر لقضاء العطلة.
وكشفت الدراسة أن أكثر من ثلث البريطانيين ممن شملهم الاستطلاع وجدوا أن فكرة قيامهم بأي فعل بمفردهم هو شيء مخيف في حين وجد خمسهم أنه شيء محرج.
وجد البحث الذي أجرته العلامة التجارية Staybridge Suites، والتي تعد جزءًا من فنادق إنتركونتننتال، أن أكثر من نصف البالغين في بريطانيا يرغبون في أن يكونوا أكثر ثقة بأنفسهم من أجل القيام بالأشياء بأنفسهم.
وقال راؤول أورتيز، نائب رئيس Staybridge Suites “لقد رأينا تحولا في السفر الفردي ويظهر بحثنا أن أكثر من ثلثي البريطانيين يرون أن السفر بمفردهم أصبح مقبولا أكثر الآن مما كان عليه قبل بضع سنوات.
“ومع ذلك، يرى البعض أن الوحدة مخيفة ومحرجة ويفضل 30% أن يتبادلوا الخبرات مع الآخرين عند السفر”.
وكشفت الدراسة أيضًا عن الأسباب الأخرى التي تجعل البريطانيين لا يرغبون في عمل شيء بمفردهم. حيث قال 1 من كل 10 أنه لا يمكنهم تحمل فكرة أن يراهم الآخرين وهم بمفردهم.
ووجد 14% أن كونهم وحيدين هو أمر محرج للغاية.
في الحقيقة، يستخدم أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع الهاتف المحمول كإلهاء في حال كانوا بمفردهم والنتيجة أن ثلثيهم يلقي باللوم على الأداة في نضالهم للتواصل مع الآخرين. ونتيجة لذلك، قال 7 من كل 10 أنهم لم يذهبوا لقضاء العطلة بمفردهم من قبل وأن أكثر من 40% منهم لا يرغبون مطلقًا في التفكير في السفر دون مرافق.
لكن على الرغم من ذلك، تمنى أكثر من نصفهم أن تصبح لديهم الثقة للسفر بمفردهم، وقال ثلثاهم أن أفضل رحلاتهم هي التي كانت بلا صحبة.
حيث ذكر أكثر من نصف من يرون المتعة الحقيقية في السفر بمفردهم أن هذه الرحلات الفردية كانت أكثر متعة لأنهم يفعلون مايريدون القيام به بالفعل. واتفق 20% منهم أن الرحلات المنفردة تدفعهم خارج منطقة الراحة وتضفي طابع أكثر حرية على تجربة السفر.
ووجد البحث الذي أجري عبر شركة الأبحاث التسويقية OnePoll أن ما يقرب من ثلث المشاركين يريدون الشعور بأنهم في وطنهم عند القيام برحلة وأن أكثر من خمسهم يبحثون عن أماكن للسكن تعطي مساحة للاختلاط.