مقالات

قهوة

هذا المقال موّجه إلى عشاق القهوة الحقيقيين والذين يبحثون عن أفضل الطرق لتحضيرها. ثمة عدة طرق لاستخراج النكهة والرائحة الغنية من البن المطحون، ويختلف محتوى الكافيين باختلاف أنواع الحبوب وطريقة التخمير. بشكل عام، تحتوي حصة واحدة (خمس أونصات سائلة) من القهوة العربية سريعة التحضير على حوالي 70 ملغ من الكافيين، بينما تحتوي حصة قهوة روبوستا البرازيلية المخمرة على 200 ملغ.

ترشيح وتقطير القهوة

يُعد ترشيح وتقطير القهوة من أهم طرق تحضير القهوة، حيث يتم تحضير الماء المغلي وقهوة مطحونة وورق الترشيح، يوضع الورق فوق الكوب الخاص بالتقديم ثم مسحوق القهوة، بعد ذلك يضاف القليل من الماء المغلي لتنقع القهوة به، ثم بالتدريج يضاف باقي الماء بشكل دائري حتى تحصل على الكمية المطلوبة من القهوة في الكوب، وتعمل آلة الإسبرسو على قوة ضغط الماء المغلي من خلال القهوة المطحونة جيداً. كما أن ماكينات صنع القهوة التي تُستخدم لمرة واحدة تدفع الماء الساخن عبر القهوة. أما الطريقة الفرنسية، تعتمد على نقع القهوة في الماء الساخن، ثم يتم استخدام مكبس مبطن بشبكة لدفع القهوة المطحونة إلى القاع، وترك منقوع القهوة في الأعلى جاهزة للصب مباشرة من الوعاء. يعتبر العديد من التقليديين القهوة الفرنسية في المرتبة الثانية بعد نكهة الإسبريسو الغنية. يقال في التقاليد القديمة أن أفضل طريقة لتقديم القهوة هي “طازجة وساخنة”، أي بعد لحظات من تخميرها، لكن القهوة المخمرة شديدة السخونة ولن تحرق اللسان وحسب، بل تخفي أيضاً مجموعة كاملة من النكهات، ولن تظهر النكهات الأصيلة إلا بعد أن تبرد قليلاً. في الواقع، عادةً ما ينتظر متذوقو القهوة المحترفون خمس أو ست دقائق قبل تذوقها، فدرجة الحرارة المعتدلة تعطيك نكهة غنية وقوية.
أخيراً، ثمة طريقة أخرى لتخمير القهوة لا تحتاج درجة حرارة عالية، ولكن عليك الانتظار حوالي 12 ساعة. تعمل طريقة التخمير بالماء البارد، بنقع مسحوق القوة بالماء البارد على ورق الترشيح وتحته كوب لمدة 12، بالتالي “المشروب البارد” الناتج يكون له طعم قوي ولكن سلس بدون الأحماض والزيوت المرة التي تصاحب طرق ترشيح القهوة بالماء الساخن. هذه الطريقة تحافظ على منقوع القهوة لمدة تصل إلى أسبوعين، وهو مثالي لصنع آيس كريم القهوة.

القهوة الفورية

القهوة الفورية أو سريعة الذوبان، يتم تحضيرها بتجفيف تركيز القهوة السائل المحضر بالماء الساخن، ويكون ذلك عن طريق التجفيف بالرش بغاز ساخن أو عن طريق التجفيف بالتجميد. طبعاً هذه العمليات معقدة، وتختلف الأساليب بين الشركات المصنعة. متوسط العائد من 25 إلى 30 في المائة من وزن البن المطحون، وبالتالي ذلك يؤدي إلى خفض تكاليف الشحن. من الواضح أن صنع القهوة الفورية أسرع من صنع القهوة المخمرة، وتتمتع بعمر تخزين أطول من حبوب البن، لكنها تلتقط الرطوبة بسهولة ويجب أن تبقى جافة. في النهاية يعتبر متذوقو القهوة المحترفين طعم القهوة سريعة الذوبان أقل مرتبةً من القهوة المخمرة.

الطبخ والقهوة

الماء ليس الوسيلة الوحيدة لإظهار طبيعة القهوة، يمكن أيضاً صنع القهوة بالزبدة أو الزيت. حيث تحتوي كل من الزبدة المذابة المصفاة أو الكريمة الثقيلة على الكثير من الماء. على سبيل المثال الكريمة الممزوجة بحبوب القهوة الطازجة المطحونة تنتج آيس كريم بنكهة مكثفة. ونظراً لأن الإسبريسو يتم استخلاصه بضغط عالي، فإن المركبات المسحوبة من الحبوب تكون أكثر تطايراً وتتبدد بسرعة، ولهذا السبب يجب استهلاك الإسبريسو على الفور، وخلال الوقت الذي يتم فيه دمج الإسبريسو في الطبق واكتمال الطهي أو التحضير، تفقد القهوة نكهتها القوية.

الآثار الصحية

بشكل عام، ارتبط استهلاك القهوة بالعديد من الفوائد والمخاطر الصحية، ويساهم الاستهلاك المعتدل من ثلاثة إلى أربعة أكواب يومياً، بتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وداء السكري من النوع 2، وسرطان الكبد، ومرض باركنسون. ربطت الأبحاث أيضاً بين استهلاك القهوة المعتدل والعمر الطويل.
من ناحية أخرى يسبب الاستهلاك المفرط للقهوة اضطرابات في النوم، والقلق، وتوتر، وحرقة في المعدة. في السابق كشفت الدراسات التي أجريت في القرن العشرين وجود علاقة بين القهوة والسرطان، حتى عام 2016 حيث أزالت منظمة الصحة العالمية (WHO) القهوة من قائمة المركبات المحتملة المسببة للسرطان.

تاريخ القهوة واكتشافها وانتشارها

يُعتقد أن الموطن الأصلي للقهوة هو منطقة الهضبة الإثيوبية المعروفة باسم Kefa (Kaffa)، ولكن التاريخ الدقيق لاكتشافها لا يزال غير معروف. إحدى الأساطير العديدة حول اكتشاف القهوة هي قصة كالدي: راعي الماعز الذي حيرته تصرفات قطيعه الغريبة، تعود هذه القصة لحوالي عام 850 م، وتقول أن كالدي أخذ عينات من البن من الأدغال دائمة الخضرة التي كانت الماعز تتغذى عليها، وعندما تذوقها أعلن اكتشافه. وفي أواخر القرن الخامس عشر، تم نقل نباتات البن عبر البحر الأحمر إلى جنوب شبه الجزيرة العربية (اليمن)، وبدأت زراعتها. تقول الحكايات القديمة أن الصوفيين كانوا أول من صنع القهوة كمشروب ليسهروا طوال الليل للصلاة.
وانتشر شرب القهوة بسرعة بين العرب وجيرانهم، بل أصبحت تقليداً اجتماعياً وثقافياً جديداً، وقدمت في المقاهي التي ظهرت في القرن الخامس عشر وفي القسطنطينية (اسطنبول حالياً) في القرن السادس عشر. وأصبحت أماكن اجتماعات شهيرة حيث يجتمع الرجال المتعلمون للتحدث ولعب الشطرنج والاستماع إلى الموسيقى ومناقشة السياسة وأخبار اليوم، وأصبحت القهوة بالفعل متأصلة في الطقوس والثقافة اليومية. ثم انتشرت القهوة بشكل كبير في تركيا، وقامت الإمبراطورية العثمانية بنشرها أيضاً في العديد من الأماكن وفي جميع أنحاء أوروبا، وبحلول نهاية القرن السابع عشر، كان للقهوة شعبية كبيرة في جميع أنحاء بريطانيا وكل أوروبا. وحتى نهاية القرن السابع عشر، كان يتم الحصول على الإمدادات المحدودة من القهوة في العالم بالكامل من محافظة اليمن في جنوب شبه الجزيرة العربية. ولكن مع تزايد شعبيتها، انتشرت زراعة البن بسرعة ووصل إلى جزيرة جاوة وجزر أخرى من الأرخبيل الإندونيسي في القرن السابع عشر وإلى الأمريكتين في القرن الثامن عشر، وبدأت زراعة البن في جزر هاواي عام 1825.
بحلول القرن العشرين، أصبحت البرازيل أكبر منتج للقهوة، وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأ استخدام آلات التحميص والطحن الصناعية، وتم اختراع حاويات محكمة الإغلاق لتحميص البن، وتم تطوير طرق إزالة الكافيين من حبوب البن الخضراء. بعد عام 1950، تم إتقان إنتاج القهوة سريعة الذوبان. أدت شعبية البن سريع الذوبان إلى زيادة إنتاج بن روبوستا الأرخص ثمناً في إفريقيا. في عام 2020 كانت الدول المنتجة للبن هي البرازيل وفيتنام وكولومبيا وإندونيسيا وإثيوبيا، في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين زاد الاهتمام بالقهوة العضوية، والتجارة العادلة، والقهوة المزروعة بشكل مستدام، مما أدى إلى حدوث تحولات في طرق الإنتاج في بعض الأماكن. قد يهدد الاحترار العالمي، ولا سيما الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة الشديدة والجفاف استقرار صناعة البن حيث يكافح المزارعون للتكيف في المناطق المعرضة للخطر.

القهوة الكوبية

يُطلق عليها أيضاً cafecito أو الإسبريسو الكوبي، وهو نوع من الإسبريسو ظهر في كوبا والذي يتم تحليته بسكر ديميرارا أثناء التخمير، وتكون حبوب البن محمصة الداكنة ومطحونة.

كيفية التحضير

تحضر القهوة الكوبية بإضافة القطرات القليلة الأولى للقهوة إلى فنجان يحتوي على سكر ديميرارا وتُخفق بقوة حتى يتحول الخليط إلى اللون البني الفاتح وتظهر رغوة سميكة وتسمى إسبوما، وهي على عكس الكريما المنتجة آلياً والتي تُقدم في الإسبريسو التقليدي. تتكون الإسبوما من مزيج السكر والإسبريسو المميز أثناء عملية التخمير، وبمجرد اكتمال التحضير، يتم سكبه فوق الخليط، وترتفع الإسبوما إلى القمة. المشروب الناتج داكن وأقوى بكثير من العديد من أنواع القهوة الأخرى.

التاريخ والعادات الاجتماعية الخاصة بالقهوة الكوبية

تم إدخال أول مصنع للقهوة إلى كوبا في عام 1748، لكن زراعة البن لم تتطور حتى تسعينيات القرن التاسع عشر، عندما استقبلت الجزيرة المواطنين الفرنسيين الفارين من ثورة هايتي. حيث تمت زراعة البن في مزارع المناطق الجبلية في كوبا، وفي منتصف القرن التاسع عشر أصبحت القهوة تضاهي السكر في الأهمية الاقتصادية. ارتفع الاستهلاك المحلي بشكل كبير حيث قام الكوبيون بدمج القهوة في روتينهم اليومي، وأصبحت تعرف القهوة الكوبية خارج كوبا باسم café cubano. ازدهرت صناعة القهوة في كوبا وأصبحت أكبر مصدر عالمي للبن بحلول الأربعينيات من القرن الماضي وأنتجت رقماً قياسياً يبلغ 60 ألف طن في 1960–1961، لكن الثورة الكوبية عام 1959 أدت إلى تدمير صناعة البن في الجزيرة بسرعة. وعلى الرغم من تراجع القهوة كمحصول مربح، لا تزال القهوة الكوبية جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الكوبية. اعتاد الكثير من الكوبيين على شرب القهوة الكوبية عدة مرات في اليوم، في وجبة الإفطار تشرب بكميات صغيرة جنباً إلى جنب مع بان توستادو (الخبز الكوبي المحمص)، ويرافق وجبتي الغداء والعشاء. من الشائع شرب القهوة الكوبية أثناء الجلسات الإجتماعية مع الأصدقاء والعائلة، ويتوقع الضيوف حصولهم على فنجان عند دخولهم إلى منزل كوبي تقليدي. لهذا السبب، تتمتع القهوة الكوبية بمكانة خاصة.

إسبرسو إيطالي

عبارة عن مشروب قوي من القهوة يتم إنتاجه عن طريق ضغط الماء المغلي من خلال البن المطحون ناعماً. مما يعطي مشروب ذو رائحة مميزة وقوي النكهة.. حفزّت الفروق الدقيقة في التخمير والاستمتاع بالقهوة إقامة بطولات باريستا دولية ومناقشات مفصلة حول المشروب من قبل هواة من جميع أنحاء العالم. يرتبط الإسبريسو في نسيج الحياة اليومية بإيطاليا، ولطالما أحاطت الثقافة الإيطالية بهذا المشروب الداكن والغني، وظهرت مع بداية ظهور المقاهي في الشرق الأوسط في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، عندما جذبت هذه المقاهي كبار المفكرين والكتاب في ذلك الوقت. لكن الإسبريسو ابتكر في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، في الواقع يمكن القول إن الإسبريسو هو المثال الأول “للوجبات السريعة”، واسمها ذاته يعني السرعة.

كان شرب القهوة شائعاً جداً في أوروبا في القرن التاسع عشر، ولكن عملية تحضير القهوة باستخدام الماء المغلي كانت شاقة وتستغرق وقتاً طويلاً، خاصة بالنسبة للعاملين في “مقاهي القهوة”. ولتسريع إنتاجه، حصل المخترع الإيطالي أنجيلو موريوندو على براءة اختراع في عام 1884 “آلة بخار جديدة اقتصادية وفورية لمشروبات القهوة”، باختصار اخترع النموذج الأولي لآلة الإسبريسو، ثم ابتكر المخترع ورجل الأعمال الإيطالي لويجي بيزيرا أول آلة معروفة للقهوة المطحونة بالضغط والبخار والماء الساخن من خلال فنجان فردي حتى يتمكن كل عميل من الحصول على مشروب طازج في أسرع وقت، أي تقليل وقت التحضير من بضع دقائق إلى 30 ثانية. تم شراء براءة اختراع لويجي بيزيرا لعام 1902 في العام التالي من قِبل ديسيديريو بافوني، الذي أدخل تحسينات على آلة تحضير بيزارا من خلال ابتكار صمام إطلاق الضغط وعصا البخار للمشروبات من خلال الاستفادة من البخار المتراكم في النظام. من خلال العمل معاً، قدمت بافوني وبيزارا آلة القهوة الجديدة، والتي تسمى Ideale (لأنهم أتقنوا درجة الحرارة والضغط “المثالية” لتحضير القهوة)، ومنتجهم الجديد السريع caffè espresso، في معرض 1906 العالمي في ميلانو. وبحلول منتصف القرن، أصبح يوجد العديد من آلات الإسبرسو ولا تزال مستخدمة حتى اليوم.
ثمة العديد من العوامل الدقيقة في إنتاج كل جرعة من الإسبريسو: مقياس الضغط، ودرجة حرارة الماء، وكمية البن المطحون ونقاءه، ومدة الاستخلاص (بالثواني)، وحجم السائل الناتج؛ حتى الاختلافات الصغيرة في حجم جزيئات القهوة في الطحن يمكن أن تحدث فرقاً هائلاً في جودة الإسبريسو، كما تعد جودة آلة الإسبريسو أيضاً أمراً أساسياً. الهدف هو الحفاظ على ثبات الضغط ودرجة الحرارة تماماً في كل كوب، وهذا هو السبب بالسعر المرتفع لآلات الإسبريسو عالية المستوى القادرة على تقديم هذا الاتساق المطلوب.

أما عن الرغوة المشهورة جداً باللون الذهبي إلى البني المحمر والمعروفة والتي تغطي سطح كوب الإسبرسو والمعروفة باسم الكريما، فهي تساعد في حبس العطريات والنكهات في السائل أسفل في الكوب. على الرغم من أن الكريما تعتبر تقليداً خاصية مهماً في كوب الإسبريسو، إلا أن العديد من خبراء صناعة القهوة البارزين جربوا قشط الكريما قبل التقديم، والنتيجة هي جرعة حلوة المذاق. ولكن في جميع الحالات، يجب شرب كوب الإسبريسو على الفور، قبل أن تتبدد الرائحة شديدة التقلب.

ماكينة قهوة

ستاربكس

ستاربكس شركة أمريكية وتعد أكبر سلسلة مقاهي في العالم، مقرها الرئيسي في سياتل، واشنطن.

السنوات الأولى

أسس شركة ستاربكس جيري بالدوين وجوردون بوكر وزيف سيجل، وافتتح أول متجر لها في عام 1971 بالقرب من سوق بايك بلايس التاريخي في سياتل. كان لمؤسسي ستاربكس الثلاثة شيئان مشتركان: جميعهم قادمون من الأوساط الأكاديمية، ويحبون القهوة والشاي. لقد استثمروا واقترضوا بعض المال لفتح أول متجر في سياتل وأطلقوا عليه اسم “ستاربكس” على اسم ستاربوك في رواية موبي ديك الكلاسيكية لهيرمان ملفيل. كان ألفريد بيت رائد أعمال متخصص في أعمال البن، ومصدر إلهام رئيسي لمؤسسي ستاربكس. كان بيت مهاجراً هولندياً بدأ في استيراد قهوة أرابيكا الفاخرة إلى الولايات المتحدة خلال الخمسينيات. في عام 1966، افتتح متجراً صغيراً Peet’s Coffee and Tea في بيركلي، كاليفورنيا، وكان متخصصاً في استيراد أنواع القهوة والشاي من الدرجة الأولى. شجع نجاح بيت مؤسسي ستاربكس على تأسيس نموذج جديد لأعمالهم يعتمد على بيع حبوب القهوة عالية الجودة والمعدات الخاصة بتحضيرها، وأصبحت Peet’s المورد الأول لحبوب البن الخضراء لستاربكس. ثم اشترى الشركاء بعد ذلك محمصة مستعملة من هولندا، وقام بالدوين وبوكر بتجربة تقنيات التحميص الخاصة بألفريد بيت لابتكار مزيج ونكهات خاصة بهم. بحلول أوائل الثمانينيات، افتتحت ستاربكس أربعة متاجر في سياتل تميزت عن المنافسين بقهوتها المحمصة الطازجة عالية الجودة. في عام 1980 قرر زيف سيجل السعي وراء مصالح أخرى وترك الشريكين المتبقيين، مع تولي بالدوين دور رئيس الشركة.

عصر هوارد شولتز

في عام 1981، لاحظ هوارد شولتز مسؤول المبيعات لشركة Hammarplast، (وهي شركة سويدية تصنع معدات المطبخ والأدوات المنزلية التي اشترت ستاربكس منها آلات صنع القهوة بالتنقيط)، حجم طلبات الشركة مما دفعه إلى زيارتها. كان شولتز منبهراً جداً لدرجة أنه قرر العمل في ستاربكس، وتم تعيينه كرئيس للتسويق في عام 1982. لاحظ شولتز أن العملاء يشعرون أحياناً بعدم الارتياح في المتاجر بسبب افتقارهم إلى المعرفة عن القهوة الجيدة، لذلك عمل مع موظفي المتجر على تطوير مهارات البيع للعملاء وأنتج الكتيبات التي سهلت على العملاء التعرف على منتجات الشركة. وجاءت أكبر فكرة لشولتز لمستقبل ستاربكس خلال ربيع عام 1983 عندما أرسلته الشركة إلى ميلانو لحضور عرض دولي للأدوات المنزلية. أثناء وجوده في إيطاليا، أعجب بمقاهي البلاد واكتشف أن ميلانو وحدها تضم 1500 مقهى. وفكر في القيام بشيء مماثل في ستاربكس والعمل على التوسع بسلسلة مقاهي وطنية، لكن بالدوين وبوكر لم يكونا متحمسين لفكرة شولتز، ولم يرغبوا في أن تنحرف ستاربكس عن نموذج عملها التقليدي، لقد أرادوا أن تظل ستاربكس تبيع القهوة والمعدات فقط وألا تتحول إلى مقهى يقدم الإسبريسو والكابتشينو. ونظراً لأنه لم يستطع إقناع بالدوين وبوكر بتبني فكرة المقهى، غادر شولتز ستاربكس في عام 1985 وبدأ بانشاء سلسلة القهوة الخاصة به، والتي تسمى Il Giornale، والتي حققت نجاحاً فورياً، وتوسعت بسرعة في مدن متعددة.

في مارس 1987 قرر بالدوين وبوكر بيع ستاربكس، وسارع شولتز إلى استخدام Il Giornale لشراء الشركة بدعم من المستثمر. وقام بالدمج تحت العلامة التجارية ستاربكس والتزم بمفهوم المقهى للأعمال التجارية، مع مبيعات إضافية للحبوب والمعدات وعناصر أخرى في متاجر ستاربكس. بتوجيه من شولتز، نمت سلسلة المقاهي خلال أربع سنوات من 20 متجر إلى أكثر من 100 متجر. ودخلت ستاربكس في فترة سريعة ورائعة من التوسع استمرت بعد أن أصبحت الشركة عامة في عام 1992. في عام 1996 بدأت في فتح متاجر خارج أمريكا الشمالية، وسرعان ما أصبحت ستاربكس أكبر سلسلة مقاهي في العالم. بحلول نهاية عام2000، كان لدى ستاربكس حوالي 2500 موقع في حوالي اثني عشر دولة.

أعلن شولتز في عام 2000 أنه سيتنحى عن منصب الرئيس التنفيذي لكنه سيبقى كرئيس مجلس الإدارة. بحلول عام 2007، ضمت السلسلة أكثر من 15000 موقع في جميع أنحاء العالم ولكنها كانت تتعثر، وفي يناير 2008 عاد شولتز كرئيس تنفيذي. أشرف على إغلاق 900 متجر ونفذ استراتيجية طموحة لتأمين سبل جديدة للنمو، والتي تضمنت الاستحواذ على سلسلة مخابز وصانعي نظام تخمير القهوة بالإضافة إلى إدخال علامة تجارية للقهوة الفورية. كما أشرف على التغييرات في عروض القائمة في متاجر ستاربكس. بدأت ستاربكس بيع الطعام في مقاهيها في عام 2003. كانت هذه التحركات ناجحة إلى حد كبير، وبحلول عام 2012 انتعشت ستاربكس مالياً. واستقال شولتز مرة أخرى من منصبه كرئيس تنفيذي وتم استبداله بكيفن جونسون في عام 2017. تم افتتاح أكبر ستاربكس في العالم Starbucks Reserve Roastery في شيكاغو في عام 2019. في عام 2021 كان لشركة ستاربكس تواجَد في عشرات البلدان حول العالم وتشغيل أكثر من 32000 متجر. وخلال هذا الوقت، كانت ستاربكس تواجه أيضاً تحديات مختلفة. والجدير بالذكر أن العمال في العديد من متاجرها سجلوا في النقابات، على الرغم من معارضة الشركة. بالإضافة إلى ذلك، كان لوباء كوفيد 19 وقضايا سلسلة التوريد ذات الصلة تأثير سلبي على المبيعات، خاصة في الصين أحد الأسواق الرئيسية للشركة. في عام 2022، غادر جونسون فجأة، وعاد شولتز كرئيس تنفيذي مؤقت. في وقت لاحق من ذلك العام، أعلنت شركة ستاربكس أنها وظفت لاكسمان ناراسيمهان ليحل محل شولتز في عام 2023.

الاستدامة وتنمية المجتمع

تسعى ستاربكس إلى دعم المجتمعات الزراعية التي تعمل معها من خلال عدد من المنظمات غير الحكومية ببرامج مصممة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. تقدم الشركة أيضاً قروضاً للمزارعين، وفي عام 2019 قدمت دفعات إغاثة لمزارعيها في غواتيمالا ونيكاراغوا والسلفادور والمكسيك عندما انخفضت أسعار البن إلى مستويات قياسية. بالإضافة إلى ذلك بحلول عام 2021، كان لدى الشركة 10 مراكز لدعم المزارعين تشارك ممارسات الهندسة الزراعية “مفتوحة المصدر” مع المزارعين في البلدان المنتجة للبن حول العالم. قام البرنامج بتدريب أكثر من 200000 مزارع منذ افتتاح أول مركز في كوستاريكا في عام 2004. تعد الشركة أيضاً واحدة من أكبر مشتري القهوة المعتمدة من التجارة العادلة في العالم، وعدد من خلطاتها عضوية معتمدة. وعلى الرغم من التزامها الواضح بشراء قهوة من مصادر معروفة، واجهت ستاربكس مزاعم بالشراء من المزارع التي تستخدم عمالة الأطفال والعمل بالسخرة أو عمال المنازل في ظروف غير صحية. في عامي 2018 و2019 وُجد أن المزارع في البرازيل بها ظروف “شبيهة بالعبودية”، ووجد تحقيق في عام 2020 أن الأطفال دون سن 13 عاماً كانوا يعملون في خمس مزارع في غواتيمالا والتي تعمل لدى ستاربكس. منتقدو C.A.F.E. تدعي أن عمليات التفتيش المطلوبة للمزرعة نادرة جداً لحماية عمال المزارع، حيث تحدث عمليات التفتيش بشكل غير متكرر مثل كل سنتين إلى ثلاث سنوات. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد حد أدنى من الأجور للمزارعين، ولا يشترط أن تكون المزارع صغيرة الحجم، ولا تتم إدارة تنمية المزارع بشكل ديمقراطي من قبل المزارعين أنفسهم. في النهاية تم استخدام هذه الحقائق للقول بأن C.A.F.E. تهدف إلى إرضاء أذواق المستهلك أكثر من إفادة منتجي البن والتخفيف من حدة الفقر.

إقرأ المزيد فوائد القهوة والشاي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى