في هذا المقال سنلقي الضوء على قصة حياة إيلون ماسك، وكيف تحول هذا الملياردير من طفل تعرض للتنمر في صغره إلى أحد أكثر الرجال نجاحًا وإثارة للجدل في مجال التكنولوجيا.
محتوى المقال
بداية حياته وتعرضه للتنمر
ولد إيلون ماسك في 28 يونيو 1971 في بريتوريا بجنوب إفريقيا، وكانت والدة ماسك ماي، أخصائية تغذية وعارضة أزياء محترفة. ظهرت صورها على علب حبوب سبيشال كيه وغلاف مجلة تايم. في عام 2017، عندما كانت تبلغ من العمر 69 عامًا، حصلت على عقد مع شركة مستحضرات التجميل CoverGirl. وبعد طلاق والديه في عام 1979، قرر ماسك البالغ من العمر 9 سنوات وشقيقه الأصغر كيمبال العيش مع والدهما. وهنا بدأت علاقته المضطربة مع والده في الظهور، قال ماسك في مقابلة مع رولينج ستون حول الانتقال للعيش مع والده: “لم تكن فكرة جيدة”. في عام 1983، وفي عمر الثانية عشرة، باع ماسك لعبة بسيطة تسمى “Blastar” لمجلة كمبيوتر مقابل 500 دولار. ووصفها ماسك بأنها “لعبة تافهة… لكنها أفضل من Flappy Bird”. ومع ذلك، لم تكن أيام ماسك الدراسية سهلة، فقد دخل المستشفى ذات مرة بعد تعرضه للضرب من قبل المتنمرين. قام المتنمرون بإلقاءه من على السلالم وضربوه حتى أغمي عليه. وبعد تخرجه من المدرسة الثانوية، انتقل ماسك إلى كندا مع والدته ماي؛ شقيقته توسكا وشقيقه كيمبال وقضيا عامين في الدراسة في جامعة كوينز في كينغستون، أونتاريو. لكنه أنهى دراسته في جامعة بنسلفانيا وحصل على درجات علمية في الفيزياء والاقتصاد. بعد التخرج، سافر ماسك إلى جامعة ستانفورد للدراسة للحصول على درجة الدكتوراه، لكنه بالكاد بدأ البرنامج قبل مغادرته. وقرر اختبار حظه في طفرة الإنترنت التي كانت على وشك الحدوث، ولم يعد أبدًا لإكمال دراسته في جامعة ستانفورد.
بداية انطلاق أعماله
أطلق إيلون ماسك مع شقيقه كيمبال Zip2، وهي شركة هدفها مساعدة وسائل الإعلام والصحف على التطور داخل عالم الويب والإنترنت. وساعدت مجموعة من مستثمري وادي السيليكون في كاليفورنيا بتمويل الشركة، والتي وفرت أدلة السفر في المدينة إلى صحف مثل نيويورك تايمز وشيكاغو تريبيون. في أثناء انطلاق Zip2، عاش ماسك حرفيًا في المكتب، حتى أتى العمل الشاق ثماره عندما اشترت شركة Compaq شركة Zip2 في صفقة قيمتها 341 مليون دولار نقدًا وأسهم، وكان نصيب ماسك 22 مليون دولار. أسس ماسك بعد ذلك شركة X.com، وهي شركة مصرفية عبر الإنترنت. وتم أطلاقها في عام 1999 باستخدام 10 ملايين دولار من الأموال التي حصل عليها من بيع Zip2. بعد حوالي عام، اندمجت X.com مع شركة Confinity، وهي شركة مالية ناشئة أسسها بيتر ثيل، لتصبح شركة PayPal.
شركة PayPal
كان ماسك يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة PayPal التي اسست حديثًا، لكن ذلك لم يدم طويلاً. ففي أكتوبر 2000، بدأت معركة ضخمة بين مؤسسي PayPal، لنقل خوادمهم من نظام تشغيل Unix المجاني إلى Microsoft Windows. وبينما كان ماسك في طريقه إلى أستراليا لقضاء إجازته، طرده مجلس إدارة PayPal وجعل ثيل الرئيس التنفيذي الجديد. قال ماسك بعد سنوات عن رحلته المشؤومة في أواخر عام 2000: “هذه هي مشكلة الإجازات”. لكن الأمور لم تبقى على حالها، فقد حقق ماسك مكاسب مفاجئة أخرى عندما اشترت شركة eBay شركة PayPal في أواخر عام 2002. وباعتباره أكبر مساهم منفرد في PayPal، فقد حصد 165 مليون دولار من السعر الذي دفعه eBay البالغ 1.5 مليار دولار. وحتى قبل بيع PayPal، كان ماسك يحلم بخطوته التالية، وكان يعد خطتة الطموحة لإرسال الفئران أو النباتات إلى المريخ. في أوائل عام 2002، أسس ماسك الشركة التي عُرفت باسم Space Exploration Technologies أو SpaceX، بمبلغ 100 مليون دولار من الأموال المستلمة من بيع PayPal.
شركة SpaceX
تم تسمية إحدى مركبات SpaceX، الأولى على اسم أغنية “Puff the Magic Dragon”. أطلق على المركبة الفضائية اسم (التنين)، وكانت بمثابة ضربة من ماسك للمشككين الذين أخبروه أن SpaceX، لن تكون قادرة على إطلاق المركبات في الفضاء. كان هدف SpaceX البعيد المدى هو جعل استعمار المريخ ميسور التكلفة. قال ماسك إن شركة SpaceX، لن تقدم طلبًا للاكتتاب العام الأولي حتى يتم إطلاق ما يسميه ماسك “الناقل المستعمر للمريخ” بشكل منتظم.
شركة Tesla
لم يتوقف ماسك عند مشاريعه في الفضاء، بل كان أيضًا مشغولًا كثيرًا هنا على الأرض، لا سيما مع Tesla Motors. ففي عام 2004، قام ماسك باستثمار 70 مليون دولار في تسلا، وهي شركة سيارات كهربائية أسسها المدير التنفيذي المخضرم مارتن إيبرهارد. لعب ماسك دورًا نشطًا في تطوير Tesla، حيث ساعد في تطوير أول سيارة لها Roadster. ظهرت سيارة Roadster الكهربائية بالكامل لأول مرة في عام 2006 عندما كان ماسك يشغل منصب رئيس مجلس إدارة Tesla، وهو الآن أيضًا مديرها التنفيذي.
كل ذلك لم يكن كافيًا لطموح ماسك، فجاء بفكرة شركة SolarCity، وهي شركة للطاقة الشمسية. منح ماسك أبناء عمومته بيتر وليندون ريف رأس المال العامل لإطلاق مشروع SolarCity في عام 2006. (وفي أواخر عام 2016، اشترت Tesla شركة SolarCity في صفقة قيمتها 2.6 مليار دولار). وفي عام 2007، نظم ماسك انقلابًا في مجلس الإدارة في شركة Tesla، وأطاح بإيبرهارد أولاً من مقعده التنفيذي ثم من مجلس إدارة الشركة والأجنحة التنفيذية بالكامل. أما في عام 2008، عندما قيدت الأزمة المالية من خيارات Tesla بشكل خطير، أنقذ ماسك شخصيًا Tesla من الإفلاس. واستثمر 40 مليون دولار فيها، كما أقرض الشركة 40 مليون دولار أخرى. وليس من قبيل الصدفة، تعيينه الرئيس التنفيذي للشركة في نفس العام.
لكن بين SpaceX وTesla وSolarCity، كاد ماسك أن ينهار. ويصف عام 2008 بأنه “أسوأ عام في حياتي”. حيث استمرت شركة Tesla في خسارة الأموال، وواجهت SpaceX مشكلة في إطلاق صاروخ Falcon 1. وبحلول عام 2009، كان ماسك يعيش على القروض الشخصية فقط من أجل البقاء.
على الصعيد الشخصي
أما على الصعيد الشخصي، كانت حياة ماسك الشخصية في حالة اضطراب أيضًا: طلق ماسك زوجته جوستين، وهي روائية كندية، في عام 2008. وكانا قد تزوجا في عام 2000، وتوفي ابنهما الأول نيفادا، بسبب متلازمة موت الرضع المفاجئ في عمر 10 أسابيع ( لاحقًا أصبح لدى ماسك 8 ابناء). بعد ذلك بدأ ماسك بمواعدة الممثلة تالولا رايلي في وقت لاحق من ذلك العام. وتزوجا في عام 2010، ثم انفصلا في عام 2012. وفي يوليو 2013، تزوجا مرة أخرى. في ديسمبر 2014، تقدم ماسك بطلب الطلاق لكنه سحب الأوراق. وفي مارس 2016، تقدمت رايلي بطلب للطلاق وتم الانتهاء من هذا الزواج في أكتوبر.
نجاحات جديدة
في وقت قريب من عيد الميلاد عام 2008، تلقى ماسك خبرًا سارًا: فقد حصلت شركة SpaceX على عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع وكالة ناسا لتوصيل الإمدادات إلى الفضاء، ووجدت تسلا أخيرًا المزيد من المستثمرين الخارجيين. وبحلول يونيو 2010، عقدت Tesla عرضًا عامًا أوليًا ناجحًا. جمعت الشركة 226 مليون دولار في الاكتتاب العام، لتصبح أول شركة سيارات تطرح للاكتتاب العام منذ فورد في عام 1956. وفي محاولة منه لإعادة موارده المالية إلى المسار الصحيح، باع ماسك أسهماً بقيمة 15 مليون دولار.
كانت مسيرة ماسك المهنية ملهمة للكثيرين، وعلى الأخص في هوليوود. حيث اعتمدت شخصية روبرت داوني جونيور لتوني ستارك في أفلام “الرجل الحديدي” جزئيًا شخصية على ماسك. حتى أن ماسك كان له ظهور خاص في فيلم “الرجل الحديدي 2”. وبحلول نهاية عام 2015، كان شركة SpaceX قد قامت بـ 24 عملية إطلاق في مهام متعددة مثل إعادة تزويد محطة الفضاء الدولية، ووضع الكثير من السجلات في هذا المجال. في عام 2016، قامت SpaceX Falcon 9 بأول هبوط ناجح في المحيط لصاروخ مداري قابل لإعادة الاستخدام. أكملت مركبة Falcon Heavy، التي حملت Falcon 9 وأقوى صاروخ صنعته SpaceX حتى الآن، إطلاقًا ناجحًا لأول مرة في فبراير 2018. حملت Falcon Heavy حمولة فريدة: دمية يطلق عليها اسم “Starman”، وسيارة تيسلا رودستر بلون الكرز الأحمر، والتي انطلقت باتجاه مدار المريخ.
ابتكارات ماسك لا تنتهي
لم يتوقف ماسك عن ابتكار أفكار جديدة، مثل Hyperloop. قطار فائق السرعة ينتقل في أنبوب مفرغ، يمكن لـ Hyperloop نظريًا نقل الركاب من لوس أنجلوس إلى سان فرانسيسكو في 30 دقيقة. وفي سياق مماثل، أسس ماسك شركة أخرى في عام 2016 The Boring Company، وكانت تعمل على حفر شبكة من الأنفاق أسفل المدن وحولها لقيادة عالية السرعة بدون ازدحام حركة مرور. تم افتتاح أول شبكة أنفاق للاستخدام التجاري لشركة Boring Company في لاس فيغاس، في أبريل 2021.
وفي أواخر عام 2015، شارك ماسك في تأسيس منظمة OpenAI، وهي منظمة غير ربحية مكرسة للبحث في الذكاء الاصطناعي والتأكد من أنه لا يدمر البشرية. وأعلن لاحقًا أنه سيتنحى عن مجلس الإدارة لتجنب أي تضارب محتمل في المصالح مع شركة Tesla، التي قطعت أشواطاً طويلة نحو الذكاء الاصطناعي لتقنية السيارة ذاتية القيادة. في عام 2017 أسس ماسك شركة أخرى: Neuralink، التي تحاول صنع أجهزة يمكن زرعها داخل الدماغ البشري.
في هذا العام أيضاً انضم ماسك إلى المجلس الاستشاري للأعمال التابع للرئيس ترامب، وهي الخطوة التي تسببت في رد فعل شعبي كبير. دافع في البداية عن هذه الخطوة، لكنه استقال بعد أن سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ. قال ماسك إنه “حاول إقناع ترامب بعدم الانسحاب”.
دعاوى قضائية
في عام 2018 واجه ماسك بعض المشاكل، عندما أرسل تغريدة يعلن فيها أنه يفكر في الحصول على Tesla بسعر 420 دولارًا للسهم الواحد، وأنه قد حصل بالفعل على تمويل. بعد أيام قليلة فقط، أرسلت لجنة الأوراق المالية والبورصات مذكرات استدعاء لشركة Tesla حول خطط الشركة للانتقال إلى القطاع الخاص، وحول تعليقات ماسك على تويتر. بحلول سبتمبر، رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية رسميًا ضد ماسك، متهمة إياه بالإدلاء “بتصريحات كاذبة ومضللة”. قام ماسك بعمل تسوية مع لجنة الأوراق المالية والبورصات، وقررت الأخيرة أن على ماسك وتيسلا دفع غرامة قدرها 20 مليون دولار، ووافق على التنحي عن منصب رئيس مجلس إدارة Tesla. بالإضافة إلى ذلك، كان مطلوبًا من Tesla تعيين لجنة للإشراف على اتصالات ماسك. في نوفمبر 2019، طرح ماسك سيارة تسلا الجديدة: Cybertruck، وهي أول شاحنة بيك أب من Tesla ومنذ كشف النقاب عنها، شوهد ماسك عدة مرات وهو يتجول في الشاحنة. بعد شهر واحد، حقق ماسك انتصارًا في المحكمة عندما قضت هيئة محلفين بأنه غير مذنب بتشويه سمعة الغواص البريطاني فيرنون أنسوورث. وكان أنسوورث قد رفع دعوى تشهير في 2018 بعد أن وصفه ماسك بـ “الفتى المتحرش” على تويتر.
ماسك وأزمة كورونا
كان ماسك صريحًا بشأن أزمة فيروس كورونا في الولايات المتحدة منذ أوائل مارس 2020 عندما غرد لأول مرة بأن الذعر من الفيروس كان شيئاً “غبيًا”. منذ ذلك الحين، قام بالتغريد على تويتر بمعلومات خاطئة عن الفيروس ووصف أوامر نظام البقاء في المنازل بال “فاشية”. في أواخر عام 2020، أعلن ماسك أنه انتقل إلى تكساس بسبب خلاف مع ولاية كاليفورنيا بسبب إجراءات الإغلاق في ظل ازمة فيروس كورونا. ومنذ ذلك الحين قال إنه يريد إنشاء مدينة حول منشآت إطلاق SpaceX المعروفة باسم “Starbase”. وعلى الرغم من امتلاكه مجموعة عقارية كبيرة، قال ماسك مؤخرًا إنه “لن يمتلك منزلًا” وسيبيع جميع ممتلكاته المادية تقريبًا. وبحسب ما ورد باع منذ ذلك الحين العديد من ممتلكاته في كاليفورنيا.
عام 2020
في عام 2020 حققت SpaceX إنجازين رئيسيين: أولاً في مايو، حيث دخلت في شراكة مع وكالة ناسا لإكمال إطلاقها الأول لرواد الفضاء في الفضاء. الثاني في تشرين الثاني (نوفمبر)، أكملت سبيس إكس أول رحلة فضاء بشرية “عملية” لها عن طريق إرسال أربعة رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية لمدة ستة أشهر. كما شهدت Tesla أيضًا عامًا جيدًا: فقد انضمت إلى S&P 500 في ديسمبر وهو مؤشر أسهم يضم أسهم أكبر 500 شركة مالية أمريكية من بنوك ومؤسسات مالية، مما أدى إلى ارتفاع سهمها، ووصلت القيمة السوقية للشركة إلى أكثر من 894 مليار دولار.
خلاف ماسك مع جيف بيزوس
وصل الخلاف الطويل بين ماسك ومؤسس شركة أمازون جيف بيزوس إلى آفاق جديدة، حيث تنازعت شركة Blue Origin وشركة SpaceX المنافسة لبيزوس حول عقود ناسا ومشاريع الأقمار الصناعية المتنافسة بينهما. وعندما تجاوز ماسك بيزوس ليصبح أغنى شخص في العالم، سخر من بيزوس بإيموجي الميدالية الفضية.
ثروة إيلون ماسك
في هذه الفترة قدرت ثروة ماسك 223 مليار دولار، مما جعله أغنى شخص في العالم متقدمًا على Mark Zuckerberg وBill Gates وBernard Arnault – وBezos. حالياً خسر 200 مليار دولار وابتعد عن صدارة قائمة أثرياء العالم. وتقدر ثروته حالياً ب137 مليار دولار، وأصبح ماسك الآن ثاني أغنى شخص في العالم وراء برنار أرنو رئيس مجلس إدارة مجموعة الأزياء ومستحضرات الموضة “إل في إتش إم”.
شركة Twitter
في أبريل 2022، أصبح ماسك أكبر مساهم في Twitter، حيث يمتلك 9.2 ٪ من الشركة. وبعد مقاومة Twitter لمحاولة شرائها، وافقت في النهاية على عرض ماسك لشراء الشبكة الاجتماعية مقابل 44 مليار دولار في 25 أبريل 2022. في 13 مايو 2022، غرد إيلون ماسك بأن صفقته لشراء Twitter كانت “معلقة مؤقتًا” بينما كان يحقق في عدد الحسابات الآلية والحسابات المزيفة في Twitter. يقول موقع Twitter إن هذه الحسابات أقل من 5٪. كان أول عمل له هو إقالة الرئيس التنفيذي باراج اغراول، وعدد من كبار المديرين التنفيذيين الآخرين في الشركة. كانت بداية ماسك في تويتر مثيرة للجدل. حيث قدم خطة لبدء فرض رسوم على المستخدمين بقيمة 8 دولارات شهريًا مقابل “شيك أزرق”، مما أدى إلى تغيير عملية التحقق من الشركة. كما قام بتسريح ما يقرب من 50٪ من موظفيها. كتب ماسك على تويتر أنه لا خيار أمامه لأن تويتر كان يخسر “4 ملايين دولار في اليوم”.
للمزيد من المعلومات حول تويتر وايلون ماسك، إقرأ بعد شراءه لتويتر.. إيلون ماسك يخسر لقب أغنى رجل في العالم.
