مقالات

هل دمر الانترنت حياتنا؟

أمستردام – مروان: أريد منكم أن تتخيلوا معي كيف كان الناس يعيشون قبل الانترنت.

سنبدأ بالأولاد الذين كانوا يقضون معظم وقتهم يلعبون مع بعض بكافة الألعاب الجماعية، من كرة القدم وما يسمى ب “اللقيطة” إلى الجلوس والتحدث مع بعضهم البعض، وزيارة بعضهم البعض.

ومن ثم نتخيل الشباب أيضا، بمشاويرهم ومناقشاتهم وألعابهم الجماعية أيضا، الجميع شاء أم أبى، كان لا بد له أن يلتقي بأصدقائه.

وافراد العائلة كانوا – بأسوأ الأحوال –  يشاهدون التلفاز مع بعضهم البعض، وكل منهم يبدي رأيه، ويدور أكثر من نقاش بأكثر من موضوع.

وفي مشرقنا الحبيب كنا نجلس بجانب الموقد (الصوبيه) نأكل البزر وكافة أنواع البقوليات والمكسرات والحلويات، وكل يحاول ان يفرح الآخرين بنكته حلوه أو تصرف جميل، وكان الأصدقاء يجتمعون للعب الورق، وما أدراك كم كان هذا جميل، أو الذين يلعبون طاولة الزهر، وللمه الحلوة حولهما، الجيران يزورون بعضهم البعض لشرب القهوة أو الشاي، أو ليأكلوا صحن تبوله معا، أو عزيمة على الفول أو أو  أو الخ .

فجأة، وبدون أي مقدمات، دخل بيتنا زائر قلب حياتنا رأسا على عقب، صحيح إننا نجلس مع بعضنا البعض، لكن كل منا في عالم مختلف، في عالم هو يحبه.

لم نعد بحاجه إلى أصدقاء، فمع أجهزتنا نستمتع أكثر، فالجهاز يلبي كل رغباتنا، وليس كالصديق قد يزعجنا أحيانا، لهذا ولد جيل سريع الغضب، وأريد التأكيد على “جيل سريع الغضب” يريد كل شيء بسرعة، كاستجابة الانترنت، وكلما تباطأ ألانترنت قليلا نغضب.

ان الإنترنت هو الذي يتحكم فينا، حتى التواصل بأي لعبه مع أي شخص أخر، سيكون هذا جزء من لعب انترنت وليس جزء من إنسانيتنا.

لم يعد ألأهل يعرفون شيء عن أولادهم، فهم في غرفهم، هل يدرسون؟ هل يلعبون؟ هل يشاهدون فيديو؟ هل يتواصلون مع أحد؟

لا أحد يدري، خاصة أن كثير من ألأهل لا يعرفون التصرف بشكل جيد مع هذه ألأجهزة، بينما هذه ألأجهزة أصبحث جزء منهم من أولادنا، يفهمونها بشكل كبير، لذلك يتوقع كثير من العلماء أن يتم دمج هذه ألأجهزة مع أجسادنا كشريحة تحت الجلد.

من الناحية الايجابيه، الانترنت هو مصدر معلومات هائل لجميع المواضيع، ومنه يستقي الجميع معلوماتهم ويشاركون الأهل والأقارب المناسبات والأخبار،وكل ما هو مهم أو مشترك بينهم.

فهو وسيلة تواصل لا يمكن الاستغناء عنها وتجعل من العالم قرية صغيره وتزيد من مداركنا ومعرفتنا بما يدور حولنا، لكن هل الإيجابيات تعادل السلبيات؟

من وجهة نظري البشرية، لقد خسرت الكثير على مستوى العلاقات الانسانيه والإجتماعيه، فعلى سبيل المثال اكتفى الكثيرون بالتعزية أو بالتهنئة عن طريق الانترنت، ولم يعد أحد يتصل بالآخرين عبر الهاتف، وحتى ضمن البيت الواحد الكبير، يتواصلون من غرفه إلى أخرى عن طريق الإنترنت.

لا يمكن الاستغناء عن الانترنت نهائيا، لكن هناك حلول يمكن أن تكون على مستوى البيت الواحد، أو على مستوى أكبر، وهو أن يتم إيقاف الانترنت لمدة ساعتين يوميا، على أن تكون كل العائلة مجتمعه، أو أن يكون هناك أماكن لا يمكن استقبال أي اشارة إنترنت.

ولا أظن انه يمكن وقف الانترنت على مستوى عالمي، لان مصالح كثيرة مرتبطة بالانترنت الآن، ومع تقدم التكنولوجيا. أعتقد أيضا أنه حتى الكتابة ستختفي. هذا هو التطور الذي نعيشه شئنا أم أبينا، قادم لا محالة بسلبياته وايجابياته.

رأي أخير أن يعقد مؤتمر دولي على مستوى عالمي لدراسة تأثير ألانترنت على علاقاتنا ألإنسانيه .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى