هولندا

أعلى درجة حرارة بتاريخ إفريقيا تُسجل بمدينة عربية وأخرى خليجية… الأمر خطير وبصنع الإنسان!

في مدينة سودانكيلا بفنلندا، سجَّلت درجات الحرارة يوم 17 يوليو/تموز رقماً قياسياً بلغ 90 درجة فهرنهايت (32.2 درجة مئوية تقريباً)، وهو رقم استثنائي بالنظر إلى أنَّ سودانكيلا تقع على بعد 59 ميلاً (95 كيلومتراً تقريباً) إلى الشمال من الدائرة القطبية الشمالية، في منطقة تشتهر بالتزلج على الجليد في فصل الشتاء ووفرة من غزلان الرنة.

إنَّه موسم صيف حار وغريب وخطير في جميع أنحاء العالم

فاليونان في حالة حداد بعد الحرارة الحارقة والرياح العاتية التي أشعلت حرائق الغابات وقتلت أكثر من 80 شخصاً. وسجَّلت اليابان أعلى درجات حرارتها في التاريخ  لتسجل 106 درجات فهرنهايت (41.1 درجة مئوية تقريباً) في موجة حر أودت بحياة 65 شخصاً في أسبوع، وأدخلت المستشفى 22 ألفاً آخرين، وذلك بعد فترة قصيرة من الفيضانات الكارثية التي قتلت 200 شخص.

وبلغت درجة الحرارة في مدينة ورقلة الجزائرية 124 درجة فهرنهايت (51.1 درجة مئوية تقريباً) في 5 يوليو/تموز، وهو رقم قياسي محتمل في قارة إفريقيا. وأذهلت قراءة 109 درجات فهرنهايت (42.8 درجة مئوية تقريباً) في ولاية قريات بسلطنة عُمان يوم 28 يونيو/حزيران خبراء الأرصاد الجوية؛ لأنَّها لم تكن درجة الحرارة العظمى لليوم، بل كانت درجة الحرارة الصغرى. وكانت تلك أعلى درجة حرارة صغرى تُسجَّل على الأرض.

وبلغت درجة الحرارة 98 درجة فهرنهايت (36.7 درجة مئوية تقريباً) في مونتريال الكندية في 2 يوليو/تموز، وهي أعلى درجة حرارة سُجِّلت هناك. ويُقدِّر مسؤولو الصحة الكنديون أنَّ ما يصل إلى 70 شخصاً ماتوا في تلك الموجة الحارة.

وفي الولايات المتحدة، وضعت 35 محطة للأرصاد الجوية في الشهر الماضي علامات جديدة لدرجات الحرارة الدافئة بين عشية وضحاها. إذ شهدت جنوب كاليفورنيا حرارة غير مسبوقة وانقطاعات في الكهرباء على نطاقٍ واسع. وفي وادي يوسمايت، الذي تهدده حرائق الغابات، طلب حراس الحدائق من الجميع الإسراع بالمغادرة.

الطقس القاسي عزَّزته التغيرات المناخية التي يُسبِّبها الإنسان

يقول العلماء إنَّ الطقس القاسي قد عزَّزته التغيرات المناخية التي يُسبِّبها الإنسان. إذ تنبأت النماذج المناخية على مدى ثلاثة عقود بالضبط بما يشهده العالم هذا الصيف.

ويتوقعون أن يصبح هذا الصيف أكثر سخونة، وأنَّ ما يُعتَبَر رقماً قياسياً اليوم يمكن أن يكون هو العادي في يومٍ من الأيام.

يقول مارتن هويرلينغ، خبير أرصاد باحث في ​​الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة: «السجلات القديمة تنتمي إلى عالم لم يعد موجوداً».

إنَّها ليست مجرد حرارة. فالعالم المُحتَرُّ عُرضة لأنواع متعددة من الأحوال الجوية القاسية، مثل الأمطار الغزيرة، والأعاصير الأقوى، ومواسم الجفاف الأطول.

تقول كاثرين هايهو، مديرة مركز العلوم المناخية في جامعة تكساس التقنية: «إنَّك ترى طُرقاً تذوب، وطائرات لا تستطيع الإقلاع، ولا يوجد ما يكفي من المياه. تغيُّر المناخ يصيبنا في نقاط ضعفنا. في الجنوب الغربي، الأمر يتعلق بتوفر المياه. وعلى ساحل الخليج، تضربنا الأعاصير. وفي الشرق، تضربنا الفيضانات. إنَّ التغير المناخي يزيد من المخاطر التي نواجهها اليوم بالفعل».

السبب المباشر لاحترار النصف الشمالي من الكرة الأرضية هو السلوك غير العادي للتيار النفاث، وهو مسار مائج للرياح السائدة من الغرب إلى الشرق على ارتفاع شاهق. يتحكم التيار النفاث في أنماط الطقس، مثل أنظمة الضغط العالي وأنظمة الضغط المنخفض. ومدى تأثير تغير المناخ على التيار النفاث هو موضع بحث مكثف.

في هذا الصيف، تموَّج التيار النفاث في موجات شديدة أدت إلى منع أنظمة الطقس من الهجرة. وكانت النتيجة جموداً في أنظمة الضغط المرتفع والضغط المنخفض مع نتائج وخيمة، مثل موجات الحرارة في بعض الأماكن والفيضانات في أماكن أخرى.

تقول جينيفر فرانسيس، أستاذة علوم الغلاف الجوي بجامعة روتجرز: «عندما تكون هذه الموجات كبيرة للغاية -كما كانت في الأسابيع القليلة الماضية- فإنَّها تميل لأن تصبح عالقة في مكانها». وفي العام الماضي، نشر العلماء دليلاً على أنَّ الظروف التي تؤدي إلى «تيارات نفاثة عالقة» أصبحت أكثر شيوعاً، مع النظر إلى الإحترار في القطب الشمالي على أنَّه السبب المحتمل.

لقد ولَّت الأيام التي رسم فيها العلماء خطاً ساطعاً بين الطقس والمناخ. الآن يمكن للباحثين دراسة أحداث الطقس وتقدير مدى علاقة التغير المناخي بها، سواء في ما يتعلَّق بالتسبُّب بحدوثها أو في تفاقمها.

التغير المناخي هو سبب إعصار هارفي أيضاً

في العام الماضي 2017، عندما كسر إعصار هارفي الرقم القياسي لمقدار الأمطار التي يمكن أن تسقط نتيجة عاصفة واحدة، أدرك الباحثون أنَّ تغيُّر المناخ كان عاملاً.

وبعدها بعدة أشهر، قدم العلماء نتائج تفيد بأنَّ هارفي أسقط أمطاراً في هيوستن أكثر بـ15% على الأقل مما كان سيُسقطها في غياب الاحترار العالمي. وهنا تلتقي النظرية بالواقع؛ فعندما يكون الجو أكثر دفئاً، يمكن أن يحمل المزيد من الرطوبة. وتغيُّر المناخ لا يتسبب في حدوث أعاصير أو حدوث عواصف رعدية، لكنه يمكن أن يزيد من حدتها.

في مدينة دالاس الأميركية، حيث بلغت درجة الحرارة 100 درجة فهرنهايت (37.8 درجة مئوية تقريباً) في 10 من أصل 11 أيام من هذا الشهر، توفي ثلاثة أشخاص مشردين لأسباب تتعلق بالحرارة في الأسبوع الماضي، حسبما قالت بريندا سنايتزر، المديرة التنفيذية لمجمع ستيوبوت، وهو دار إيواء في وسط المدينة.

وفي مدينة فينيكس بولاية أريزونا الأميركية، حيث بلغت درجة الحرارة هذا الأسبوع 116 درجة (47.7 درجة مئوية تقريباً)، قال داستن ناي (36 عاماً)، والذي أمضى اليوم في تركيب وحدات تكييف الهواء، إنَّه أُصيب بضربة شمس في الماضي ولا يزال يعاني من الدوار في بعض الأحيان. وقال: «يتطلب الأمر سلالة خاصة للقيام بهذا الأمر طوال اليوم في هذه الحرارة. لقد تعوَّدتُ على أن أتحمل وأعمل بأقصى ما في وسعي».

انتهت مقولة «تغير المناخ لا يهمني»

في لوس أنجلوس، قال مارتي آدامز، كبير مسؤولي التشغيل في إدارة المياه والطاقة بالمدينة: «يبدو الأمر مثل كل عام، إذ كان لدينا نوع من الانحراف في درجات الحرارة لم نعتده». وأشار إلى أن سكان المدن الشاطئية مثل لونغ بيتش وسانتا مونيكا الذين يعتمدون عادة على نسيم المحيط لتبريد منازلهم أضافوا وحدات تكييف الهواء، ما يضغط على الشبكة وساهم في انقطاع التيار الكهربائي.

وقالت هايهو: «أكبر أسطورة رُوِجَّت للعدد الأكبر من الناس هي أنَّ تغير المناخ لا يهمني شخصياً».

ضربت موجات الحر بشدة حيث لا يتوقعها الناس، في هولندا والسويد وبريطانيا وأيرلندا وكندا.

يقول خيرت يان أولدينبورغ، وهو باحث في مجال المناخ في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية: «مكتبنا ليس به مكيف هواء. لدي مروحة». وكان يتحدث هاتفياً من مدينة خاودا، حيث بلغت درجة الحرارة 96 درجة فهرنهايت (35.6 درجة مئوية تقريباً) يوم الخميس 26 يوليو/تموز.

وأضاف: «في عام 1900، كان هذا النوع من الأحداث (الموجات الحارة) يحدث مرة كل 100 عام. لكنَّه حدوثه أصبح أكثر احتمالاً بـ20 مرة».

إنَّه الصيف الأكثر جفافاً في بريطانيا منذ أن بدأت التسجيلات الحديثة في عام 1961. تنخفض مخزونات المياه بسرعة، وأصبحت القيود على المياه سارية المفعول. وحثَّت دائرة الطقس الوطنية في المملكة المتحدة الناس على تجنُّب الشمس هذا الأسبوع، إذ يُتوقَّع أن تصل درجة الحرارة إلى 98 درجة فهرنهايت (36.7 درجة مئوية تقريباً).

في أيرلندا، كشفت الحقول التي أصابتها الشمس بالجفاف عن أثر كان خفياً من قبل لتمثال عمره 5000 عام بالقرب من موقع نيوغرانغ التاريخي.

إليك النشاطات البشرية التي غيرت خارطة المناخ

وقد أضاف النشاط البشري، لاسيما حرق الوقود الأحفوري، الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري إلى الغلاف الجوي، ما يزيد من احتباس الحرارة في الأرض ويجعل الأحداث المناخية المتطرفة أكثر تطرفاً. وبلغت كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي 410 أجزاء في المليون في شهر مايو/أيار الماضي، وهو أعلى مستوى سجَّله مرصد مونا لوا في هاواي منذ بدأ تشارلز ديفيد كيلينغ في الاستمرار في تسجيل درجات الحرارة في عام 1958. وتشير تقديرات وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إلى أنَّ درجة حرارة الأرض قد ارتفعت درجة مئوية واحدة تقريباً منذ أواخر القرن التاسع عشر، منها نصف درجة مئوية منذ عام 1990 وحده.

ويقول العلماء إنَّه إذا لم يتم فعل أي شيء للحد من انبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري، فقد تصل الزيادة العالمية في درجة الحرارة إلى 9 درجات فهرنهايت (5 درجات مئوية) بحلول نهاية القرن، فضلاً عن ارتفاعات في الحرارة أكثر حدة على الأرض وعند خطوط العرض العالية. صُمِمَّ اتفاق باريس، الذي وقَّعته كل دولة في العالم، للحد من هذا الارتفاع في درجة الحرارة من خلال التزامات بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بمرور الوقت. وقد تعهَّد الرئيس ترامب، الذي وصف في الماضي الاحترار العالمي بأنَّه خدعة، بسحب الولايات المتحدة من الاتفاق في أقرب وقت ممكن، في عام 2020.

وقد خلص التقييم الوطني الأميركي للمناخ لعام 2017، الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى ما كان يخلص إليه على مدار ما يقرب من ثلاثة عقود، وهو أنَّ تغيُّر المناخ الذي تسبَّب فيه الإنسان حقيقي، وأنَّ تأثيراته قد بدأت بالفعل.

يرتفع متوسط ​​درجة الحرارة بسرعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وأصبحت موجات الحرارة أكثر تطرفاَ وسوف تستمر في ذلك.

انخفض الهطول الكلي للأمطار في الجنوب والغرب وتزايد في الشمال والشرق. وسيستمر هذا الاتجاه. وستصبح عمليات هطول الأمطار الأغزر أكثر تكراراً وأكثر تطرُّفاً. وستستمر كتل الجليد في التراجع. وستصبح حرائق الغابات الكبيرة أكثر تواتراً.

قال كيفين ترينبيرث، عالم المناخ في المركز القومي لأبحاث الغلاف الجوي في الولايات المتحدة، إنَّ حتى الحرارة البسيطة الناتجة عن الاحترار العالمي يمكن أن تتراكم مع مرور الوقت؛ فالطاقة المتراكمة على مدى شهر واحد تعادل حرارة فرن ميكروويف صغير يعمل بطاقة كاملة لمدة ست دقائق على كل قدم مربع من هذا الكوكب. لا عجب إذاً إن اشتعلت الأشياء».

المصدر: عربي بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى