ألمانيا

أطفال لاجئون في ألمانيا يعانون من اضطرابات نفسية.. ما الحل؟

يعاني أطفال لاجئون في ألمانيا من اضطرابات نفسية لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بالظروف التي عايشوها، ومنها ما يتعلق بالصعوبات في المجتمع الجديد، فما هو الحل لمعالجة المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأطفال؟

تقول أسماء، الأم لأربعة أولاد، إن صغيرتها ريما أعادت كلاً من الصفين الأول والثاني في المدرسة مرتين، وتتابع: “ابنتي تتأخر في تعلم الألمانية وبالها مشغول دائماً دون أن تخبرني عن سبب ذلك”، مشيرة إلى أن الصغيرة ريما تخاف حتى من الألعاب، ويضطر المعلمون والمتدربون أن يخفوا الألعاب من حولها حتى تهدأ.

ولا تعرف الأم المطلقة –كما تقول- فيما إذا كان سبب الحالة التي تمرّ بها ابنتها هو ما عايشته الطفلة من سماع أصوات المدافع والقصف عندما كانت في سوريا، أم نتيجة المشاكل الاجتماعية بعد طلاق الوالدين.

أحمد (8 سنوات) هو أيضا جاء إلى ألمانيا مع والديه منذ 3 سنوات، يعيش أحمد في مدينة أونا. لم يكن أحمد يعاني من مشاكل في النطق، لكن وفاة صديقه في المدرسة بقذيفة، أصابه بصدمة نفسية، ليصبح غير قادر على النطق، حسبما تؤكد الطبيبة ندى حمصي داديخي وهي متطوعة لمساعدة اللاجئين في مدينة أونا.

ريما وأحمد هما حالتان فقط من بين العديد من الأطفال اللاجئين في ألمانيا والذين يعانون من اضطرابات نفسية، كما ترى المختصة التربوية فاطمة مراد التي تساعد الأطفال اللاجئين في إحدى المدارس في مدينة مونستر الألمانية.

أسباب متعددة

تقول المختصة التربوية لمهاجر نيوز إنها تصادف على الدوام حالات لأطفال لاجئين تظهر عليهم إشارات لاضطرابات نفسية، وتستشهد بقصة طفل كان هادئاً لكنه أصبح فجأة عدوانياً يتشاجر مع الأطفال الآخرين ويشتم المعلمين، وتتابع: “عرفنا أن الطفل بعيد عن والدته منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب تأخر لم الشمل”، وتضيف: “عندما كنت أحضن الطفل كان يهدأ وكنت أشعر بمدى حاجته لوالدته”.

وترى مراد أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأطفال اللاجئين يصابون باضطرابات نفسية، مشيرة إلى أن هذه الأسباب قد تكون متعلقة بظروف الحرب التي عايشها الأطفال أو بمشاكل اجتماعية  مثل انفصال الأب والأم أو بصعوبة الاندماج في المجتمع الجديد.

وتمر على الدكتورة نادية عثمان، الطبيبة النفسية المختصة بمعالجة الأطفال واليافعين، الكثير من الحالات لأطفال لاجئين يعانون من اضطرابات نفسية، كما تقول لمهاجر نيوز.

وتتابع د.عثمان، التي تعمل في العاصمة برلين: “أيّ سلوكيات غير طبيعية مثل عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو عدم التركيز في الدروس أو رفض التعلم من الأساس، كلها خارج الإطار الطبيعي ويجب تحويل الطفل الذي يقوم بهذه السلوكيات إلى مختص لتشخيص المشكلة والعمل على علاجها”.

وترى الخبيرة النفسية أن غالبية الأطفال اللاجئين لا يعانون من الاضطراب النفسي الحاد مباشرة، بل من اضطرابات تنتقل إليهم عن طريق أهاليهم، وتضيف: “قد تكون الأعراض التي تظهر على الأطفال مشابهة للأعراض التي يعاني منها الأهل، لكن الأطفال لا يعانون من صدمة نفسية حادة، بل مما يسمى باضطراب التكيف أو الاضطراب النفسي العابر للأجيال، أي الذي ينتقل من جيل لآخر”.

وكمثال على ذلك تذكر الطبيبة النفسية ما تشاهده في السنوات الاخيرة لدى الأطفال الفلسطينيين والسوريين، و”الذين تظهر عليهم بعض الأعراض النفسية نتيجة لتجارب لم يعيشوها، لكنهم حسوا بها من خلال أهاليهم بشكل مكثّف وكأنهم عاشوها بأنفسهم”.

عدم الخوف من المختص النفسي هو الحل

ويوجد في كل مدرسة في ألمانيا قسم اجتماعي فيه متخصصون تربويون وعاملون اجتماعيون، مهمتهم تشخيص حالات الأطفال الذين قد يعانون من اضطرابات نفسية، ثم تحويلهم إلى “خدمة المعالجة النفسية للأطفال واليافعين” والتي تتبع لـ”مكتب رعاية الأطفال” في كل بلدية.

لكن د. عثمان ترى أن هناك نقصاً في التواصل بين القسم الاجتماعي وخدمة المعالجة النفسية، وتضيف: “المؤسسات التي تستطيع حل المشاكل النفسية للأطفال موجودة بالفعل، لكنها تعاني من مشاكل منها ما يتعلق بالتواصل فيما بينها ومنها ما يتعلق بالتمويل”.

أما المشكلة الأساسية برأي الخبيرة النفسية فهي أن اللاجئين يخافون أن يذهبوا للطبيب النفسي لاعتقادهم بأن ذلك سيسبب لهم مشاكل كبيرة منها أن يقول عنهم البعض أنهم “مجانين”. تقول د.عثمان: “المشكلة أن الكثير من اللاجئين ليس لديهم وعي فيما بتعلق بالجانب النفسي”، وتضيف: “حتى عندما كنا نذهب إليهم في مراكز الإيواء، لم يكونوا يأتون إلينا، ليس عن عدم اهتمام، بل عن خوف أن يقول أحد عنهم أنهم مجانين”.

لكن الطبيبة النفسية لا تخفي أن المشاكل الدراسية جعلت اهتمام اللاجئين يزداد تدريجياً بالتوعية النفسية، وتقول: “المشاكل التي يواجهها الأطفال في المدارس تجعل العائلات اللاجئة تقوم بمراجعة نفسها وتقرر الذهاب لمختص نفسيّ”. وهذا ما قررت أن تقوم به اللاجئة السورية أسماء من أجل حل المشاكل التي تعاني منها صغيرتها ريما.

DW

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى