مقالاتهولندا

عشر نساء هولنديات حفروا اسمائهم في التاريخ!

ميشيل علي – أمستردام – هولندا بالعربي: كانت النساء الهولنديات سباقات منذ القدم بكسر التقاليد والقيود الاجتماعية والسياسية والدينية. ليكن رائدات في مجالهن فاتحين الباب لكافة النساء الهولنديات من بعدهم. واحتفالاً باليوم العالمي للمرأة، نقدم لكم قائمة بأشهر عشرة نساء من الرائدات في مختلف المجالات في تاريخ هولندا

سيدة أعمال وقائدة عسكرية:
أن تسمية (Kenau) – والذي يعني بالهولندية المرأة السليطة – ليست إساءة ولكن السيدة Kenau Hasselaar (1526 – 1588) هي بكل المعاني إمرأة شجاعة وذكية وسليطة. حيث كانت قائدة عسكرية لأكثر من (300) إمرأة في المعارك للدفاع عن مدينة (هارلم) عندما كانت تحت الحصار من الإسبان عام (1972). ويقول المؤرخون المعاصرون أن Kenau قاتلت وقادت المعارك كما يفعل كبار القادة العسكريون من الرجال.

ونظراً إلى شجاعتها وجرأتها – ويمكن القول نظرا إلى سلاطة لسانها- فأن أرشيف سجلات المحاكم المحلية تشير إلى وجود العديد من القضايا المسجلة منها وضدها في مختلف المواضيع. ولذلك كان الكثير من الرجال حذرين عند التعامل معها نظرا لطبيعة شخصيتها القوية.

Photo: Rijksmuseum Amsterdam

أديبة وكاتبة مسرحيات:
كانت Belle van Zuylen (1740-1805) ، أديبة وكاتبة قصص مسرحية ومراسلة مميزة، فآراءها الخاصة شهيرة حول المساواة بين الرجل والمرأة، ورفض أن تكون تابعاً وأدنى درجة من الرجل. حيث قالت van Zuylen عبارتها الشهيرة إلى رجل تقدم إلى خطبتها واشترط عليها أن تتوقف عن مراسلة الرجال! فقالت له : “ليست لدي القدرة والمهارة اللازمة لأكون تابعة لأحد”. ولحسن حظها، فقد كانت قدرتها الكبيرة على العيش وفقاً لمبادئها الخاصة واستقلاليتها عن ولاية الرجل يرجع إلى حد كبير كونها ولدت لعائلة ارستقراطية ثرية. فلم تكن مضطرة إلى البحث عن رجل لتكون تحت ظله.

كتبت van Zuylen كتابها الأول (Le Noble) عندما كانت في العشرين من عمرها. وأعربت فيه عن أسفها لضعف التعليم للفتيات بشكل عام ومنع التحاق الفتيات للجامعات حينها، حيث تم منعها من الدراسة في الجامعات الهولندية لكونها إمرأة. وعلى من الرغم من ذلك، فقد حظيت بتعلم ودروس خاصة، كما كانت تتسلل خلسة وتستمع إلى المحاضرات في قاعات جامعة أوترخت. ولكن آرائها الجريئة هذه سرعان ما تسببت لها بالمتاعب مع والديها (المحافظين)، حيث تم مقاطعتها ونبذها من قبل أسرتها.

by Guillaume de Spinny. Photo : Wikimedia Commons

مستكشفة ومصورة فوتوغرافية: 

Alexandrine Tinne (1835 – 1869) مستكشفة ومصورة فوتوغرافية تنتمي لعائلة ثرية من لاهاي. وقد استخدمت ميراثها الهائل لتخلد اسمها كواحدة من أوائل النساء اللواتي يسافرن و يستكشفن الأماكن النائية. حيث أغرمت بالمغامرة والاستكشاف بعد قراءتها لقصص وحكايا المستكشفين المشهورين.

كما كانت Tinne واحدة من أوائل المصورات الفوتوغرافية من الإناث. وبالإضافة إلى مجموعة الصور المميزة التي أخذتها أثناء رحلاتها، فقد قدمت أيضاً مجموعة كبيرة من الصور لموطنها الأصلي لاهاي. ولكن قصة هذه المغامرة الشجاعة انتهت على نحو بشع. حيث ذهبت عام (1896) في رحلة استكشافية إلى ما يعرف اليوم بليبيا، من أجل الإلتقاء بجماعة الطوراق التي تعيش هناك. وعلى الرغم من أنها التقت بزعيم الطوراق هناك وأخذت موافقته، إلا أن معسكرها تعرض لهجوم غادر من قبل بعض العرب والطوارق. وتم تقطيعها حتى الموت ولم يعثر على جسدها أو قبرها منذ حينها.

Photo: Robert Jefferson Bingham Wikimedia Commons

طبيبة: 
Aletta Jacobs (1854 -1929) ، هي طبيبة ورائدة في حقوق المرأة. كانت أول امرأة تدخل الجامعة في عام (1871). ففي السادسة عشرة من عمرها ، كتبت ببساطة إلى الوزير يوهان ثوربيك، لتتساءل عما إذا كان يمكن قبولها في الجامعة. وبعد كثيراً من التردد نظراً لصغر سنها ، إلا أن ذكاءها الحاد وفطنتها شجعت الوزير على السماح لها بالدراسة لتكون بذلك أول امرأة يسمح لها بالدراسة في الجامعة.

وبالإضافة إلى فتحها الباب للنساء في التعليم العالي في الجامعات الهولندية. فقد كانت Aletta ناشطة إنسانية، حيث ساعدت العديد من النساء للتخلص من معاناتهم من خلال تقديم وسائل منع الحمل والإجهاض في عيادتها الخاصة بأمستردام. كما قامت بحملة دون كلل أو تعب من أجل حق المرأة في التصويت في الانتخابات البرلمانية. والذي تم منحه أخيراً عام (1919)، ولكن لم يقدمن النساء أنفسهن فعليا إلا في عام (1922). وقد كانت أليتا تبلغ (68) من عمرها في ذلك الوقت.

Photo: Spaarnestad Photo/Het Leven via Nationaal Archief /Wikimedia Commons

مدافعة عن حقوق المرأة العازبة وحقوق الخدم:
Neeltje Lokerse (1868 – 1954) واحدة من أوائل النساء اللواتي دافعن عن حقوق الخدم والمرأة غير المتزوجة. كانت Neeltje من مقاطعة زيلاند وملتزمة بالزي التقليدي للمقاطعة. وعملت كخادمة عند محامي في مدينة لاهاي. وسرعان ما دخلت في علاقة غرامية مع رب عملها – المحامي- مما أدى إلى حملها منه ورفض المحامي الزواج منها والاعتراف بالابن.

بعد مرور عام على مولد ابنها، قامت Neeltje بإخفاء مسدس في عربة طفلها ، وشقت طريقها داخل قاعة المحكمة حيث يعمل حبيبها السابق.
أخرجت مسدسها وأطلقت رصاصة عليه ولكنها لم تصبه. وعلى الفور تم إلقاء القبض عليها. وبسبب ذلك أصبحت قضيتها قضية رأي عام حينها في هولندا وكثر الجدل حولها وحول حبيبها السابق المحامي. مما أدى إلى الإفراج عنها في نهاية المطاف لعدم وجود دليل أو ثبوت نيتها في قتل أو إيذاء والد طفلها. وبعد الإفراج عنها، قامت بحملة نقاش و حوار علني لتسليط الضوء على ما يتعرض له الخدم من المظالم والمحن. وكانت أحيانا تلوم أبنها (يان) على أنه السبب في تعاسة حياتها.

Photo: ZB, personendossier Neeltje Lokerse

قائدة طيارة:
بياتريكس دي رايك (1883 – 1958) هي أول امرأة هولندية تقود طائرة. ومثل العديد من النساء اللواتي حضين بامتيازات كبيرة في تلك الأيام ، فقد ولدت في عائلة ثرية، وكان والدها مصرفياً في سورابايا في إندونيسيا.

وبعد زواج غير سعيد انتهى بالطلاق، وحصولها على ثروة من تركة والديها. قامت بياتريكس بإجراء اختبارات رخصة الطيران في باريس، وحصلت على رخصة الطيران عام (1911). وتقول عن رخصة الطيران بأنه يمكن اعتبارها ” رخصة للانتحار ” في ذلك الوقت. وبفضل الثروة التي تمتلكها، اشترت طائرة صغيرة لنفسها. وقد عرضت خدماتها كطيار حرب في الحربين العالميتين، إلا أنه تم رفضها لكونها إمرأة. وبعد أن أنفقت جميع ثروتها، إنتهى بها الأمر في أمستردام والقيام بأعمال وضعية من أجل تحصيل لقمة العيش، حتى قامت جمعية الطيران الهولندي بالاعتراف بها كقائدة طيارات. وقامت الجمعية بجهود لتحسين وضعها المادي وتحسين معاشها التقاعدي.

Photo: Prieur-Branger Collectie musée de l’Air et de l’Espace – Le Bourget

مالكة بار للمثليين:
بيت فان بيرين (1902 – 1967) المالكة الأسطورية للحانة الشهيرة لمثليي الجنس t’ Mandje في أمستردام. لم تكن فإن بيرين تخفي مثليتها، بل كانت صريحة جداً بشأن ذلك. وقد حصلت على حانة عمها عام (1927). وسرعان ما استحوذت الحانة على انتباه المثليينفي المنطقة والمناطق الأخرى. وكان من رواد الحانة الفنانين والمثقفين والبحارة من المثليين. ووفقاً للقانون الهولندي وترخيص الحانات حينها، فإنه يمنع تقبيل المثليين لبعضهم داخل البار.

اشتهرت فان بيرين بتجوالها على متن دراجتها البخارية مرتدية ملابس جلدية، برفقة أصدقائها. كما كانت تفضل تعليق تذكارات حصلت عليها من علاقاتها السابقة في البار. ومن هذه التذكارات حملات صدر، حذاء، دمية قطينة، طقم أسنان! وبعد أن تم أغلاق البار قبل (26) عاماً، قامت احدى قريباتها بإعادة فتح البار عام (2008) في أمستردام.

يوجد جسر في هولندا على اسم بيت Photo: Paul2 via Wikimedia Commons

مراسلة صحفية ومحاربة عسكرية في الحرب الأهلية الإسبانية:
Fanny Schoonheyt (1912 – 1962) صحفية ومصورة هولندية قاتلت مع جانب الجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية. قال عنها قائدها: “La joven más valiente de Barcelona” (الفتاة الأشجع في برشلونة) و “una maestra con la ametralladora” (معلمة المدفع الرشاش).

بعد الحرب تم تجريد فاني من جنسيتها الهولندية وغادرت إلى جمهورية الدومينيكان حيث كان لديها أبنه هناك. ومنذ حينها لم تتحدث مرة أخرى عن ماضيها الإسباني ، ولا حتى لابنتها. وعندما سمح لها في النهاية بالعودة إلى هولندا ، سرعان ما تدهورت صحتها بسبب أمراض خطيرة وتوفيت بسبب نوبة قلبية.

Photo: Agustí Centelles. Centro Documental de la Memoria Histórica, via Wikimedia Commons

كاتبة ذات شعبية كبيرة: 
الكاتبة Annie MG Schmidt (1911-1995) ، التي لازالت أعمالها تحظى بشعبية هائلة بين الأطفال والبالغين على حد سواء في هولندا. وقد أطلق عليها لقب (الملكة الأحتياطية لهولندا) نظراً لانتشار أعمالها وتأثيرها في جميع الأسر الهولندية. وتختلف أعمالها من الكتب مثل (Jip en Janneke) و (Abeltje)، وبرنامج التلفزيون الشهير (Zuster Nee Zuster). والكثير الكثير من مختلف الأعمال.

في بدايتها عملت Annie في مكتبة، مما ساعدها في حصولها على عمل كموظفة إرشيف في صحيفة (Parool) في أمستردام. وبسبب مهارتها في الكتابة سرعان ما بدأت بكتابة مقالات طريفة جذبت انتباه القراء لبراعة أسلوبها من البالغين والصغار. مما زاد من شهرتها وتسليط الضوء عليها وهو الأمر الذي لم تكن آني تبحث عنه. وفي نهاية حياتها بدأت آني برنامجها الحواري في التلفزيون، والذي سرعان ما أصبح من البرامج المحبوبة لدى الهولنديين.

Annie M G Schmidt. Photo: Rob Bogaerts / Anefo via Wikimedia Commons

نجمة رياضية: 
Fanny Blankers-Koen (1918- 2004) من أشهر الرياضيات الهولنديات في الجري وقفز الحواجز. فازت فاني بأربع ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية في لندن عام (1948) وحطمت (12) رقماً عالمياً و وحققت (57) رقماً قياسياً خلال مسيرتها المهنية.

بسبب الحربين العالميتين، توقفت مسيرة Fanny الرياضية. ولكن بعد الحرب – والحمل – قررت أن تمنح رياضة الجري و قفز الحواجز فرصة أخرى . وقد أُطلق عليها اسم “ربة البيت الطائرة”. وعند عودتها إلى هولندا ، تم استقبالها بدراجة هوائية لأنها قد قامت بما يكفي من الجري.

Photo: IISG via Wikimedia Commons

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى