القهوة من أكثر المشروبات استهلاكاً في جميع أنحاء العالم، لكن الآراء تختلف حول فوائده ومضاره. وتشير النتائج الجديدة التي توصلت إليها دراسة نُشرت في آذار/مارس 2023 في مجلة نيو إنجلاند الطبية، إلى كل من الإيجابيات والسلبيات: شاربوا القهوة ينامون أقل لكن يتحركون أكثر ولكن قد يتعرضون لخطر من نوع خفقان القلب. قال المؤلف الرئيسي للدراسة الدكتور غريغوري ماركوس طبيب القلب وأستاذ الطب في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: “في المحصلة لا توجد نتيجة صحية واحدة فقط لتناول القهوة، ولكن الحقيقة أكثر تعقيداً من ذلك”. “كانت الغالبية العظمى من الأبحاث حول هذا الموضوع قائمة على الملاحظة، مما يعني أننا ننظر ونرى ما يحدث للأشخاص الذين يشربون القهوة ولا يشربونها، وهو أمر يقبل أكثر من احتمال”. وأضاف ماركوس: “الطريقة الوحيدة للتخفيف من تلك الآثار المحتملة هي إجراء تجربة عشوائية تدخلية”.
محتوى المقال
تأثير القهوة على النشاط البدني
للحصول على فكرة أفضل عن الآثار الصحية المباشرة للقهوة، قام الباحثون بتعيين 100 متطوع سليم يبلغون من العمر وسطياً 39 عام من منطقة سان فرانسيسكو، قاموا بتزويد المشاركين بـأجهزة فيتبيت لتتبع خطواتهم ونومهم، وأجهزة مراقبة جلوكوز الدم وأجهزة تخطيط القلب التي تتبع إيقاعات القلب. تم تعيين كل مشارك بشكل عشوائي لشرب الكمية التي يريدها من القهوة لمدة يومين، ثم يمتنع عن ذلك لمدة يومين، مع تكرار تلك الدورة على مدار أسبوعين.
ووجد الباحثون أنه في أيام شرب القهوة كانت حركة المشاركين في المتوسط على 1058 خطوة أكثر مما فعلوه في أيام الامتناع عن شربها. لكن في تلك الأيام تأثر النوم لديهم، حيث حصل المشاركون على 36 دقيقة أقل من النوم. في النهاية كلما شربوا المزيد من القهوة زاد النشاط البدني وقل نومهم.
تأثير القهوة على القلب
قال ماركوس إن الباحثين لم يجدوا أي دليل على وجود علاقة مهمة بين استهلاك القهوة والتقلصات الأذينية المبكرة للقلب، وهي “شائعة جداً”، ستشعر وكأنها رفرفة أو ضربات خفيفة في صدرك. وأضاف: “الأشخاص الذين يعانون من تقلصات أذينية مبكرة أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطراب شديد في ضربات القلب، سريرياً يسمى الرجفان الأذيني”. وشرب أكثر من كوب واحد في اليوم أدى إلى حدوث تقلصات بطينية مبكرة بنسبة 50٪ مقارنة بأيام عدم تناول القهوة. قال ماركوس: “لذا فإن هذا يقدم بعض الأدلة الدامغة على أن تجربة الامتناع عن القهوة قد تكون مفيدة للأفراد الذين يعانون من خفقان مزعج مرتبط بـ PVCs”.
وأضاف ماركوس: “هناك أيضاً دليل على أنه عند بعض الأشخاص يمكن أن يؤدي المزيد من الانقباضات البطينية المبكرة إلى ضعف القلب أو قصور القلب”. “لذلك إذا كان شخص ما قلقاً بشأن مخاطر قصور القلب مثل أن يكون لديه تاريخ عائلي لهذا الأمر أو هناك بعض المؤشرات الأخرى التي يخبرها طبيبهم وتجعلهم معرضين للخطر فمن الأفضل الابتعاد عن القهوة.”
وصف بيتر كيستلر رئيس قسم الفيزيولوجيا الكهربية في مستشفى ألفريد في ملبورن بأستراليا الدراسة بأنها مهمة ولكنه حذر من أن “هذه دراسة قصيرة المدى على متطوعين أصحاء”. وأكد كيستلر: “الدراسة لا توفر معلومات عن الفوائد أو الآثار السلبية لشرب القهوة على المدى الطويل”. “وايضاً لا توفر معلومات عن تأثير القهوة على الأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أخرى، وبشكل عام (المشاركون في الدراسة) يستهلكون كميات متواضعة من القهوة”.
تأثير القهوة على الرياضة
قال ماركوس إنه عندما يشرب الناس القهوة يكون لديهم دافع أكبر لممارسة الرياضة أو تحسين الأداء بمجرد بدء الحركة. لكنه قال إن الناس “لا ينبغي أن يتناولوا مشروبات الطاقة أو جرعات عالية من الكافيين كوسيلة لتعزيز التدريبات” لأن الجرعات العالية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات.
تأثير القهوة على النوم
ربما لا يكون من المستغرب أن يؤدي شرب القهوة إلى قلة النوم، ولكن قد يكون للجانب الوراثي دور في هذه النتيجة. جمع الباحثون عينات من الحمض النووي من المشاركين وأولئك الذين لديهم انخفاض كبير في النوم عندما تناولوا القهوة، فظهر أنه كانت لديهم متغيرات جينية مرتبطة باستقلاب الكافيين بشكل بطيء. من ناحية أخرى يعاني الأشخاص الذين لديهم متغيرات جينية مرتبطة باستقلاب الكافيين بشكل أسرع كان لديهم تقلصات بطينية مبكرة. تشير هذه النتائج إلى أن النهج الفردي لاستهلاك القهوة قد يكون الطريقة الأكثر ملاءمة لتحديد التأثيرات على الصحة وفقاً للدراسة. وكان لدى كيستلر وجهة نظر أخرى حول العثور على سبب قلة النوم حيث قال: “القهوة هي أكثر الأدوية شيوعاً لتقوية الإدراك”. “الناس الذين يشربون القهوة يكونون أقل تعباً. هذا ليس بالضرورة أمراً سلبياً”.
وقال ماركوس إنه فيما يتعلق بالروابط بين تناول القهوة والتقلصات البطينية المبكرة، يمكن أن يحتوي الكافيين على نواتج أيضية نشطة مثل أمينوفيلين، الذي يستخدم في أدوية الربو، ومن المعروف أن الجرعات العالية تسبب عدم انتظام ضربات القلب. بالإضافة إلى ذلك “تؤدي القهوة إلى زيادة النشاط في الجهاز العصبي، أو الجانب الأدرينالين في الجهاز العصبي، والذي يمكن أن يحفز PVCs”.
ماذا يعني هذا بالنسبة لنا
قال ماركوس إن الآثار التي توصلت إليها الدراسة تستحق النظر فيها بناءً على ظروفك الصحية الشخصية. وأضاف: “يمكن طمأنة الأفراد إلى أنه لا توجد بالتأكيد آثار خطيرة وشيكة لشرب القهوة”.
هل تتساءل عما إذا كنت تملك جينات استقلاب سريعة أو بطيئة للكافيين؟ قال ماركوس إنه لا توجد بالفعل أي اختبارات سريرية لمعرفة ذلك، ولكن قد تتمكن من اكتشاف ذلك باستخدام اختبار الحمض النووي الذي يقيس ذلك. بينما قال كيستلر: “إذا بدأتم في الشعور بالقلق والارتعاش عند تناول كوب واحد من القهوة، فأنتم تملكون استقلاب بطيء للكافيين”. “ولكن إذا كان لديكم تحمّل أعلى، فإنتم تستقلبون القهوة بسرعة أكبر”.
أقرأ المزيد حول صناعة وأنواع وتارخ القهوة.
