محتوى المقال
الاكتئاب الموسمي
هل شعرت في يوم ما بأنك تدخل في حالة السُبات الشتوي في فصل الشتاء، وأصبحت خلال تلك الفترة تنام كثيرًا أو ربما قليلًا جدًا، وكذلك الحال بالنسبة للطعام حيث أصبحت تأكل كثيرًا أو حتى لم يعد لديك الرغبة في تناول الطعام وتتناول فقط القليل جدًا منه، هذا بجانب أنك أصبحت تتجنب الأنشطة الاجتماعية وليس لديك طاقة أو حافز يدفعك للخروج من المنزل.
قد تظن في البداية أن الجو بارد خارج المنزل وليس هناك ما يستدعي الخروج ولكن إذا استمر ذلك الوضع لأيام وبدأت تلك الفكرة تتأصل في ذهنك وتؤثر على حياتك فتلك بالتأكيد إشارة غير جيدة، خاصة إذا أصبحت جميع المهام الضرورية التي يجب عليك القيام بها مثل الذهاب إلى متجر البقالة وشراء حاجياتك مجرد أعمال روتينية لا أكثر، بل ووصل الأمر إلى رفض جسدك إطاعة أوامرك أو إقناع عقلك لك بعكس ما تشعر وأنك قد تتحسن إذا قمت بتلك المهام التي تتزايد على قائمتك واحدة تلو الأخرى، وهو الأمر الذي قد يؤدي بك إلى ظهور أعراض أكثر سوءً مثل الأفكار الانتحارية وقد يقودك الأمر في النهاية لإيذاء نفسك إذا لم تقم بالحصول على المساعدة والعلاج المناسب.
في حال لاحظت أنك تشعر بهذا الشعور خلال فترة محددة خلال العام، فربما تكون مصابًا بما يعرف بالالاكتئاب الموسمي وهو ما يُعرف إختصارًا بإسم SAD، وفي العادة فإن الاكتئاب الموسمي يختلف عن الاكتئاب العادي، ويكمن الإختلاف في أن أعراض ذلك الاضطراب تطرق بابك خلال فترة محددة خلال العام، وعادة ما تبدأ الأعراض بالظهور على الأشخاص المصابين خلال أواخر فصل الخريف أو خلال بدايات فصل الشتاء وتستمر حتى بلوغ فصلي الصيف والربيع حيث تكون الحالة النفسية للمصابين جيدة خلال تلك الفترة، ولكن هذا لا يمنع وجود استثناء لتلك القاعدة حيث يمكن لبعض الحالات أن يكون الاكتئاب مرتبطًا بفصلي الصيف والربيع، ويؤدي هذا الاضطراب إلى ظهور أعراض اكتئاب تتراوح ما بين خفيفة إلى متوسطة على الشخص المصاب، والتي تبدأ في التفاقم خلال الموسم .
أعراض الاكتئاب الموسمي (SAD)
أغلب أعراض الاكتئاب الموسمي هي:
- الشعور بالاكتئاب خلال أغلب فترات اليوم ويستمر الحال كذلك خلال أغلب أيام الموسم
- فقدان الاهتمام بأنشطة كنت تستمتع بها سابقًا
- انخفاض في طاقتك ونشاطك
- وجود مشكلات تتعلق بالنوم والإصابة بالأرق أو النوم كثيرًا خلال اليوم
- حدوث تغيرات في الشهية فقد تأكل كثيرًَا أو قليلًا
- الشعور بالإعياء والتعب
- الشعور بصعوبة في التركيز
- الشعور باليأس أو الذنب
- تراودك أفكار حول الموت أو الانتحار
وبجانب ذلك فقد يكون هناك بعض أعراض الاضطراب الموسمي بارزة مقارنة بباقي الأعراض خلال فصول محددة خلال العام، نستعرضها فيما يلي :
فصلي الشتاء والخريف
تكون الأعراض البارزة خلال تلك الفترة هي :
- النوم أكثر من اللازم
- زيادة الوزن
- الشعور بالتعب دائمًا
- تغييرات في الشهية والانجذاب للوجبات الغنية بالكربوهيدرات
فصلي الصيف والربيع
تكون الأعراض البارزة خلال تلك الفترة هي :
- الإصابة بالأرق
- فقدان الشهية
- خسارة الوزن
- الشعور الدائم بالقلق والتوتر
ما الذي يسبب الاكتئاب الموسمي؟
لقد ورد ذكر االاكتئاب الموسمي لأول مرة في السجلات الطبية في بدايات عام 1845 ولكن لم يطلق حينها عليه أي إسم وظل كذلك حتى ثمانينيات القرن الماضي وتحديدًا عام 1980، وإلى الآن لم يتم تحديد السبب الرئيسي للإصابة بهذا الاضطراب، ولكن تشير بعض الدراسات أن هناك علاقة بين الإصابة بهذا الإضطراب ونقص الضوء.
ومن دون مناقشة الكثير من المصطلحات الطبية سوف نُركز على أهم المصطلحات الخاصة بـ الاضطراب الموسمي والتي يجب عليك أن تعرفها، ونبدأ أولًا مع غدة تحت المهاد وهي أحد الغدد التي تلعب دورًا رئيسيًا بجهاز الغدد الصماء، ودور هذه الغدة يُكمن في حفظ التوازن الخاص بالجسم وكذلك التوازن الهرموني في الدماغ، ثانيًا السيروتونين وهي المادة الكيميائية التي تؤثر على حالتك المزاجية، وثالثًا هرمون الميلاتونين وهو الهرمون المسئول عن مراقبة دورة النوم، فعندما يكون هناك نقص في الضوء فإنه يحدث إضطراب بغدة تحت المهاد، ويؤدي هذا الإضطراب إلى إخلال توازن ساعتك البيولوجية وبالتالي انخفاض مستويات مادة السيروتونين، وهو ما يقود في الأخير لظهور أعراض الاكتئاب.
بدوره يتأثر هرمون الميلاتونين بالتغيرات الموسمية حيث يساهم الظلام في زيادة معدلات إفراز الهرمون وهو الأمر الذي يؤدي إلى الكسل، ولكن بخلاف أن ذلك لا يحدث كثيرًا خلال فصلي الصيف والربيع، إلا أن النقص الكبير في الضوء خلال فصل الشتاء يجعل الجسد يرهق غدة تحت المهاد، وهو الأمر الذي يؤدي إلى حدوث خلل بأداء هذا الجزء من الدماغ.
من الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الموسمي؟
لقد تم اكتشاف إصابة النساء بهذا الاضطراب بعدد أكبر من الرجال، وهو عادة ما يصيب الشباب بشكل أكبر من كبار السن، ويزداد خطر إصابتك بهذا الاضطراب إذا كان لديك أحد أقاربك من الدرجة الأولى وحتى الدرجة الثالثة (قرابة الدم) مصاب بهذا الاضطراب، أو أي شكل آخر من أشكال الاكتئاب مثل أن تعاني من الاكتئاب الشديد أو اضطراب ثنائي القطب، فسوف تزداد أعراضك سوءًا خلال تلك الفترة من العام، فعلى سبيل المثال قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بالاضطراب ثنائي القطب من أعراض الهوس الاكتئابي أو الهوس الخفيف (شكل أقل حدة من الهوس الكامل) خلال أشهر الصيف والربيع وأعراض الاكتئاب خلال أشهر الخريف والشتاء، كذلك إذا كنت تقيم في دولة تبعد عن خط الإستواء مثل هولندا فربما تصاب بهذا الاضطراب، وذلك بسبب قلة ضوء الشمس خلال فصل الشتاء وطول الأيام خلال فصل الصيف .
لذا تذكر إذا كنت معرضًا لخطر الإصابة بالاضطراب الموسمي بسبب أي من هذه العوامل، أن تخبر طبيبك أو أخصائي الصحة النفسية بذلك.
ماذا يمكنك أن تفعل عند الشعور بأعراض الاكتئاب الموسمي؟
إذا شعرت بأعراض الإصابة بالاضطراب الموسمي ننصحك بإتباع النصائح التالية، ولكن بالتأكيد يجب أن تحصل على مساعدة طبية في أقرب وقت ممكن قبل أن تبدأ تلك الأعراض في التأثير على عملك وحياتك.
حافظ على جدول نوم صحي
نعلم مدى صعوبة النهوض في الصباح أو الذهاب إلى السرير في الليل بسبب التغير الحاصل في الهرمونات والمواد الكيميائية بالدماغ، ولكن عليك إذا كنت تعاني من أعراض خفيفة فقط، أن تحاول النوم والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم وأن تحصل على ما بين 7 إلى 8 ساعات من النوم، وكذلك عليك التأكد من عدم استخدام الكمبيوتر أو الهاتف قبل النوم مباشرة، واجعل غرفتك مظلمة قدر الإمكان من خلال إغلاق الستائر وذلك حتى لا تبقيك الأضواء المنبعثة من الشارع مستيقظًا، ولزيادة الاسترخاء يمكنك الإستحمام بالماء الساخن أو تناول كوب من الشاي أو إعداد قائمة مهامك التي ستقوم بها في اليوم التالي، كذلك تذكر أن تكتب الأشياء الجيدة التي حصلت لك خلال اليوم عند الإسترخاء، وذلك لأن الإكتئاب يجعلك تشعر أن لا شئ جيد يحدث لك، نصيحة أخيرة احفظ هذا الجدول وحاول التمسك به كل يوم .
مارس الرياضة
تمرن حتى عندما يخبرك عقلك بعدم القيام بذلك، يمكنك أن تبدأ بالمشي لبعض الوقت وفعل ذلك لمدة أسبوع وبعد ذلك قم بزيادة المسافة، وبعد مرور بضعة أسابيع يمكنك تعزيز قوة جسدك من خلال تحويل المشي إلى ركض وزيادة المسافة التي تقطعها باستمرار، ولكن ماذا إذا لم يكن الركض هو الشيء الذي تفضله، ويمكنك بخلاف ذلك الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية أو ممارسة الملاكمة أو حتى تسلق الجبال أو ممارسة اليوجا أو تجربة رقص الزومبا أوالسالسا، ففي الأساس أي نشاط بدني مفيد لك ولكن الأمر متروك لك لتقرر أي نوع تُفضل.
تذكر أن الشيء الأهم في هذا الأمر هو عمل جدول والالتزام به تمامًا كحال جدول النوم، فقط كل ما عليك هو إضافة القيام بالتمارين الرياضية أو القيام بالمشي قليلًا في الأجندة الخاصة بك، وأبدأ بفعل ذلك وسوف تلاحظ كم سيساعدك ذلك .
الخضوع لجلسات العلاج بالضوء
هناك ما يُعرف بالـSAD lamp، وهو عبارة عن مصباح ينبعث منه ضوء يحاكي أشعة الشمس، ويمكنك أن تقوم بشراء هذا المصباح عبر أحد مواقع التجارة الإلكترونية مثل Bol أو Cool Blue أو أمازون، وعند الشراء بإمكانك أن تختار الفئات القابلة للحمل والنقل والاحتفاظ بها في مكتبك واستخدامها طوال اليوم أثناء العمل بعيدًا على جهاز الكمبيوتر، ولكن تذكر أولًا أن تستشير طبيبك قبل القيام بذلك لتتأكد إذا كانت تلك الطريقة مناسبة لحالتك أم لا .
تناول الأغذية الغنية بفيتامين دي
يمكن أن يؤدي قلة التعرض لضوء الشمس إلى نقص خطير في فيتامين دي، لذا فمن الضروري عندما لا يكون هناك مصدر طبيعي لفيتامين دي مثل الشمس البحث عن مصادر أخرى لتعويض النقص، ولا يوجد مصدر أفضل من الأطعمة الغنية بهذا الفيتامين مثل منتجات الألبان كالحليب (حليب الصويا للنباتيين) والجبن وكذلك الفواكه مثل البرتقال، ويمكنك أن تحصل على بعض المساعدة الإضافية في هذا الأمر من طبيبك فقد يمكنه أن يحدد لك مزيدًا من الخيارات لإدراجها بنظامك الغذائي، وكذلك إذا كنت تُفكر في إضافة المكملات الغذائية الغنية بفيتامين دي إلى نظامك فقد يحدد لك الجرعة المناسبة.
في حال إذا لم تساعدك أي من هذه النصائح، فسارع بالاتصال بطبيبك وذلك لأن الصحة النفسية في بعض الأحيان تحتاج للحصول على بعض المساعدة الإضافية.